الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

مسنونات الوضوء

صفحة 82 - الجزء 1

  والشوكاني نقد الإمام في استدلاله بهذا الحديث المقيد وهناك أحاديث مطلقة كان أولى به أن يستند إليها.

  ثم قال الشوكاني: «وأما الاستدلال بحديث الاستيقاظ فالدليل أخص من الدعوى لتقييده بحال الاستيقاظ وليس كل وضوء للصلاة يكون كذلك، وأيضاً صرف الوجوب بالتشكيك⁣(⁣١) في العلة مع الجزم بالحكم ربما يمنعه المخالف» ا هـ كلامه.

  أقول: لا يخفاك أن هناك أصولاً فرعية ثبتت بأدلة قطعية فصارت كالقواعد التي لا يجوز العدول عنها ولا تؤثر فيها الظنيات؛ لقوتها سنداً ومتناً، لأنها صارت أصلاً من أصول الدين.

  مثلاً: الأصل في الأشجار الحل إلا ما حظره الدليل

  الأصل في الحيوانات الحرمة إلا ما أحله الدليل

  الأصل في الفروج الحرمة إلا ما أحله الدليل

  والأصل الطهارة، وهكذا إلى آخر القواعد الشرعية ...

  فلا تؤثر فيها الظنيات ولا تخريصات المخرصين، ومن هنا فالأصل في يديك الطهارة حيث نِمْتَ وهما طاهرتان ولا يخرج عن هذا الأصل إلا بيقين أو خبر عدل.

  ثم إن العلة التي هي مناط الحكم تدور معه وجوداً وعدماً لابد أن تكون معلومة مُتيقنة، لا شك في حصولها.

  ولهذا قال ÷ في المتوضئ: «لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً»⁣(⁣٢) لأنه


(١) علة غسل اليدين موجودة في الحديث وهي «لا يدري أين باتت يده» فمقصود الإمام الحسين أن هذه العلة في الحديث مظنونة وغير محققة، فالإمام صَرَف وجوب غسل اليدين إلى الندب؛ لعدم تحقق العلة، والشوكاني قال: إن الإمام يشكك في العلة! تمت شيخنا.

(٢) عن عباد عن تميم عن عمه: شكي إلى النبي ÷ الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة قال: «لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً»، البخاري، مسلم، أبو داود، الترمذي، النسائي، ابن ماجة، مسند ابن حنبل، ابن خزيمة، مصنف عبد الرزاق.