(بيان كون النكاح حقيقة في العقد)
(بيان كون النكاح حقيقة في العقد)
  قال الشوكاني: «قوله: النكاح في أصل اللغة هو العقد والتزويج إلخ، أقول: ظاهر هذا أنه حقيقة في العقد، وهو خلاف ما جزم به الزمخشري في كشافه؛ فإنه قال: (النكاح الوطء، وتسمية العقد نكاحًا؛ لملابسته له من حيث إنه طريق له، ونظيره تسمية الخمر إثمًا؛ لأنها سبب في اقتراف الإثم). انتهى. فهذا تصريح منه بأن معنى النكاح حقيقة الوطء ومجازًا العقد، وهو أقعد بمعرفة اللغة من غيره، لا سيما التمييز بين المعاني الحقيقية والمجازية؛ فإنه المرجوع إليه في ذلك دون غيره ممن صارت مؤلفاتهم الآن متداولة بين أهل هذه العصور، كما لا يخفى على فَطِنٍ، ولا ينافي هذا كثرة ورود النكاح في القرآن بمعنى العقد، حتى قال في الكشاف: إنه لم يرد لفظ النكاح في كتاب الله إلا في معنى العقد؛ لأن الكثرة ليست من خواص الحقيقة ولا مخرجة للمجاز عن كونه مجازًا كما تقرر في موضعه على أن دعوى الكلية التي ذكرها صاحب الكشاف ممنوعة، فإن قوله تعالى: {حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}[البقرة: ٢٣٠] لا يصح أن يراد به العقد، كما دل عليه الدليل من السنة. وذهب إليه جماهير الأمة» اهـ كلامه.
  أقول: أولا: لم أجد هذا النص للعلامة لا في (كشافه) ولا في (أساس البلاغة) الذي فيه فرق بين الحقيقة والمجاز، وعلى فرض صدور هذا منه فهو قول من أقوال، ولئن كان العلامة قد أخطأ في فهم كتاب الله كما زعم الشوكاني، ورد(١) عليه بقوله تعالى: {حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} وبنكاح المماليك(٢)؛ فلأن يخطئ في اللغة - وهي أكثر وأوسع - أقرب إلى الظن، لكن الحق معه(٣) كما ترى في عدم ورود النكاح في كتاب الله إلا مراداً به
(١) الرادّ هو الشوكاني.
(٢) أي رد عليه بنكاح المماليك.
(٣) جار الله.