(تحريم نكاح أم الزوجة سواء دخل بابنتها أم لا)
  الأمهات والبنات، ويحتمل أن يعود إلى أقرب مذكور وهم البنات، ومن الحجة للجمهور: ما روى المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي ÷ قال: «أيما رجل نكح امرأة فدخل بها أو لم يدخل فلا تحل له أمها» اهـ المراد.
  ثم قال الفقيه: «إنه يجوز جعل القيد لهما» اهـ.
  أقول: قوله هذا مردود بما رقمه العلامة في «كشافه»، ولفظه: {مِّن نِّسَآئِكُمُ} متعلق بـ {رَبَائِبُكُمُ}، ومعناه أن الربيبة من المرأة المدخول بها محرمة على الرجل، حلال له إذا لم يدخل بها، فإن قلت: هل يصح أن يتعلق بقوله: {وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ}؟ قلت: لا يخلو إما أن يتعلق بهن و بالربائب، فتكون حرمتهن وحرمة الربائب غير مبهمتين جميعا، وإما أن تتعلق بهن دون الربائب، فتكون حرمتهن غير مبهمة، وحرمة الربائب مبهمة، ولا يجوز الأول(١)؛ لأن معنى «مِنْ» مع أحد المتعلقين خلاف معناه مع الآخر، ألا تراك أنك إذا قلت: وأمهات نسائكم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن، فقد جعلت «من» لبيان النساء المدخول بهن وغير المدخول بهن، وإذا قصدت (وربائبكم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن) فإنك جاعل «من» لابتداء الغاية، كما تقول: بنات رسول الله ÷ من خديجة، وليس بصحيح أن يُعْنَى بكلمة واحدة وخطاب واحد معنيان، ولا يجوز الثاني؛ لأن ما يليه هو الذي يستوجب التعليق. اهـ المراد.
  فقد هدم جار الله ما رجحه الفقيه من جواز جعل القيد لهما، وجار الله جار الله.
  ولو نقلت لك كلام أئمة العلم القائلين بأن حرمة أم المرأة - غير مقيدة بدخول - لطال الشوط، وأمللتُ القارئَ.
  انظر: الاعتصام للإمام القاسم بن محمد ج ٣ ص ٣٢٩، وأصول الأحكام للإمام أحمد بن سليمان ج ١ ص ١٢٣، والمغني لابن قدامة الحنبلي ج ٤ ص ٣٢٩.
(١) أن يكون التحريم وعود الضمير لهما (الربيبة وأم المرأة معاً)، وهو الوجه الذي رجحه الشوكاني. تمت شيخنا.