(تحريم الزيادة على الأربع)
  تعرض لمقدار عددهن! بل يستفاد من الصيغ الكثرة من غير تعيين!، كما قدمنا في مجيء القوم، وليس فيه أيضًا دليل على أن الدفعة الثانية كانت بعد مفارقة الدفعة الأولى، ومن زعم أنه نقل إلينا أئمة اللغة والإعراب ما يخالف هذا فهذا مقام الاستفادة منه، فليتفضل بها علينا، وابن عباس إن صح عنه ما نقله المصنف فهو فرد من أفراد الأمة. وأما القعقعة بدعوى الإجماع من المصنف وأمثاله فما أهونها وأيسر خطبها عند من لم تفزعه هذه الجلبة، وكيف يصح إجماع خالفته الظاهرية، وابن الصباغ، والعمراني، والقاسم بن إبراهيم نجم آل الرسول! وجماعة من الشيعة، وثلة من محققي المتأخرين(١)، وخالفه أيضًا القرآن الكريم، كما بيناه، وخالفه أيضًا فعل رسول الله ÷، كما صح ذلك تواترًا من جمعه بين تسع أو أكثر في بعض الأوقات {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}[الحشر: ٧]، {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}[الأحزاب: ٢١]، {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}[آل عمران: ٣١]، ودعوى الخصوصية مفتقرة إلى دليل، والبراءة الأصلية مستصحبة لا ينقل عنها إلا بناقل تنقطع عنده المعاذير. وأما حديث أمره ÷ لغيلان لما أسلم وتحته عشر نسوة بأن يختار منهن أربعًا ويفارق سائرهن، كما أخرجه الترمذي، وابن ماجة، وابن حبان فهو وإن كان له طرق فقد قال ابن عبدالبر: كلها معلولة!، وأعله غيره من الحفاظ بعلل آخرة!، ومثل هذا لا ينتهض للنقل عن الدليل القرآني والفعل المصطفوي الذي مات ÷ عليه، والبراءة الأصلية، ومن صحح لنا هذا الحديث على وجه تقوم به الحجة أو جاءنا بدليل في معناه فجزاه الله خيرًا» اهـ كلامه!.
  أقول: لا قوة إلا بالله، ما أشبه السنة الأحمدية مع الشوكاني بمن سلّح شخصًا يظنه في
(١) قال العلامة الشيخ محمد زاهد الكوثري مفتي الدولة العثمانية في (مقالاته) ص ٢٧٤ ما لفظه: وأما جواز الزيادة على الأربع فمما يميل إليه الشوكاني في (وبل الغمام) متابعة منه لبعض الروافض، وعزوه ذلك إلى بعض الزيدية باطل، كما يظهر مما نقلناه من (الروض النضير) في [الإشفاق على أحكام الطلاق] كبطلان عزوه ذلك إلى الظاهرية بما نقلناه آنفاً عن ابن حزم، وبما ذكره ابن حزم أيضاً في (المحلى) [٩ - ٤٤١] حيث قال: ولا يحل لأحد أن يتزوج أكثر من أربع نسوة، وخالف في ذلك قوم من الروافض لا يصح لهم عقد الإسلام. اهـ المراد (مقالات الكوثري).