(تحريم الزيادة على الأربع)
  صفه ومن جنده فرماه بنباله، وحاربه بعتاده! كقول الشاعر:
  أعلمه الرماية كل يوم ... فلما استدَّ(١) ساعده رماني
  وكم علمته نظم القوافي ... فلما قال قافية هجاني
  إلا أن سهام الشوكاني حابضة(٢)، وحجته داحضة، جاء بغثاء من القول، لا وجود له في كتاب لغوي، ولا إعرابي، وأعمل فكره وقلمه لرد الإجماع، ورد تفسير ابن عباس حبر الأمة؛ لقوله تعالى: {مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} واستعمل لفظة (متكثر) في معنى كثير، وهو غير سديد، ولو تأملتَ كلامه وكررتَ إمعان النظر فيه لوجدته ينبئ عن جهل لا عن علم، ثم هذيانه لم يسنده إلى أي كتاب لغوي ولا إلى إمام من أئمة اللغة، والظاهر أنه لا وجود له حتى في (قاموس شوكان)، وقد يَتناهَى عظمُ المصيبة حتى يُظَنّ بمَصْدرِ غواية أنه مصدر هداية، ويُظَنّ بأبحاث بنيت على هوى، أنها أسست على التقوى؛ فهو كماءٍ شِيبَ(٣) بالسَّم، وإذا أمعنت النظر في ما جمعه الفقيه من نهاوش أيقنت أنه ملأ الوِطَاب، ثم ما أصاب ولا أطاب.
  يقول: «إن قول القائل: (نكحت النساء مثنى) معناه: نكحتهن اثنتين اثنتين وليس فيه دليل أن كل دفعة من هذه الدفعات لم تدخل في نكاحه إلا بعد نفاذ الأولى» اهـ.
  أقول: إن المجيء غير حل النكاح؛ لأن مجيء الأولى(٤) ينقضي بوصولها، ومجيءُ ثلاث ثلاث مجيءٌ آخر؛ فلم يجمع بينهما، لأن صاحب المثنى غير صاحب الثُّلاث، ولو اجتمع المثنى والثلاث لم يصح مثنى ولا ثلاث؛ لأنهم صاروا خمسة، فالناكحُ إن نكح اثنتين ثم ثلاثاً، واجتمعت الخمس لم يكن مثنى ولاثلاث وإنما خمس، وهلا أعاد الفقيه النظر في كتاب الله ø الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه في سورة فاطر، في قوله في وصف الملائكة سلام الله عليهم: {أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ}[فاطر: ١]، فهل هذا
(١) استد هنا بالسين من السداد وهو الإصابة في الرمي.
(٢) السهم الحابض: السهم الساقط بين يدي الرامي تمت شيخنا.
(٣) شيب: خُلِطَ.
(٤) مثنى مثنى.