الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

النوم ناقض للوضوء

صفحة 87 - الجزء 1

  فها هم قد حملوا المطلق على المقيد، لا كما زعم الشوكاني، ثم إن عامة العلماء بين أمرين: إما ترجيح لأحدهما أو جمع بينهما.

  وقد جلا الخلاف ابنُ رشد في الجزء الأول من (بداية المجتهد ونهاية المقتصد) ٣٧ - ٣٨، وحكى مَنْ قيَّد النوم بالاضطجاع والركوع وغيره.

  قال ما لفظه: وقوم فَرَقوا بين النوم القليل والكثير - يعني من دون نظر إلى هيئة النائم - فأوجبوا في الكثير المستثقل الوضوء دون القليل، وعلى هذا فقهاء الأمصار والجمهور. اهـ.

  وحكى أن العلماء على مذهبين: مذهب ترجيح ومذهب جَمْع فمن ذهب إلى الترجيح، إما أسقط وجوب الوضوء من النوم أصلاً على ظاهر الأحاديث التي تسقطه.

  وإما أوجبه من قليله وكثيره على ظاهر الأحاديث التي توجبه أيضاً (أعني على حسب ما ترجح عنده من الأحاديث الموجبة أو من الأحاديث المسقطة) ومن ذهب مذهب الجمع حمل الأحاديث الموجبة للوضوء منه - من النوم - على الكثير، والمسقطة للوضوء على القليل وهو كما قلنا مذهب الجمهور والجمع أولى من الترجيح بما أمكن. اهـ المراد.

  ثم قال الشوكاني: «فالقائل بأن النوم ناقض إن استدل بحديث العينين (العينان) وكاء السَّهِ فإذا نام العينان استطلق الوكاء، فيقال له: لا ملازمة بين استطلاق الوكاء وخروج الخارج من ريح أو نحوها». اهـ كلامه.

  أقول: لا يخفاك أن آخر الحديث: (فمن نام فليتوضأ) فقد جاء ÷ بفاء السببية، وهي مشعرة بأن ما قبلها علة وسبب نحو: (أعطيتُه فشكَرَ)، و (سَهَا فسجَدَ).

  وحيث صحت هذه الكلمة وأنها مِنْ كلام مَنْ لا ينطق عن الهوى فمخالفتها ليس إلا لاتّباع الهوى.

  والقاضي قد صحح هذه الكلمة وأنها من الحديث فقال ما قال، فما أشد جرأته على رسول الله!.