الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

ما يرد به النكاح

صفحة 321 - الجزء 2

  أقول: أما ثبوته أي ثبوت الخروج بالموت أو الطلاق الذي سماه الفقيه ضرورة دينية فليست محل نزاع أنها تخرج بأحدهما، إنما النزاع في: هل أنها لا تخرج إلا بأحدهما - كما زعم الفقيه - أو أنها تخرج بغيرهما؟ وظاهر عبارته ومنطوقها، ومدار بحثه أنه لا خروج إلا بهما، ولا يخرج بغيرهما.

  ويقول: «إن العقد ثبت بالضرورة الدينية، وثبتت لوازمه؛ فلا خروج إلا بموت أو طلاق. ومن زعم أنها تخرج بغيرهما فعليه الدليل». اهـ

  أقول: إنه من ضعف الإنسان المتناهي؛ - ولأنه عريق في الجهل حتى يتعلم - أنه يلوم وهو مليم، ويعيب كلام غيره بكلام معيب! قل لي بربك: هل قرأ الفقيه سورة النور؟! وهل جرت على لسانه آية اللعان بين الزوجين {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلاَّ أَنفُسُهُمْ}⁣[النور: ٦] الآية؟! ثم ما يكون بعد أن يلاعن القاضي بينهما؟ هل يحتاج الزوج بعد إنهاء اللعان إلى طلاق؟ من يقول بهذا؟ أو أنه يكفي أن يقول القاضي: قد فَرَّقْتُ بينكما، وتَحرُمُ عليه مؤبدًا، ويلحق الولد بأمه.

  هلا حكم الفقيه على هذا الخروج المنصوص عليه في كتاب الله والمعمول به في السنة المطهرة وإجماع علماء الإسلام أنه خروج غير شرعي؟! وكيف يطالب بالدليل على جواز الخروج بغير الموت والطلاق؟ أليست الآية دليلاً صحيحًا قاطعًا عنده، أم استحوذ عليه الجهل حتى سرى إلى جهل كتاب الله تعالى؟!

  ثم قل للفقيه: إذا انكشف بين الزوجين رضاع مجمع عليه، محرِّم للوطء، واتضح به أنها أخته من الرضاع هل له أن يجامعها؛ لأن النكاح قطعي، ولا تخرج إلا بموت أو طلاق أو أن الرضاع قد فَسَخَ العقدَ من أصله لا من حينه؟! ثم لو غُرِّرَ على شخص وزفّت إليه امرأة مصابة بالجذام قد تساقطت أطرافها منه⁣(⁣١)، ما حكمها عند الفقيه والعيب أصلي لا حادث عند الزوج؟! هل سيقول بقوله ويتمسك برأيه أنه لا تخرج إلا بطلاق أو موت


(١) منه: من الجذام.