الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

وقوع الطلاق البدعي

صفحة 325 - الجزء 2

وقوع الطلاق البدعي

  قال الشوكاني: «قوله: فصل: وطلاق البدعة عندنا واقع ... إلخ. أقول: خلاصة ما عول عليه القائلون بوقوع الطلاق البدعي هو اندراجه تحت الآيات العامة وتصريح ابن عمر بأنها حسبت تلك طلقة. وأجاب القائلون بعدم الوقوع عنهم (كذا) بمنع اندراجه تحت العمومات؛ لأنه ليس من الطلاق الذي أذن الله به، بل هو من الطلاق الذي أمر الله بخلافه، فقال: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}، وقال ÷: «مره فليراجعها»، وصح أنه غضب عند أن بلغه ذلك وهو لا يغضب مما أحله الله. وأما قول ابن عمر: (إنها حسبت) فلم يبين من الحاسب لها؟ بل أخرج عنه أحمد، وأبو داود، والنسائي أنه طلق امرأته وهي حائض فردها رسول الله ÷، ولم يرها شيئا، وإسناد هذه الراوية صحيح، ولم يأت من تكلم عليها بطائل، وهي مصرحة بأن الذي لم يرها شيئا هو رسول الله ÷؛ فلا يعارضها قول ابن عمر؛ لأن الحجة في روايته لا في رأيه. وأما الرواية التي ذكرها المصنف بلفظ: «مره فليراجعها ويعتد بتطليقة»؛ فهذه لو صحت لكانت حجة ظاهرة، ولكنها لم تصح كما جزم به ابن القيم في الهدي. وقد روي في ذلك روايات في أسانيدها مجاهيل، وكذابون لا تثبت الحجة بشيء منها؛ والحاصل أن الاتفاق كائن على أن الطلاق المخالف لطلاق السنة يقال له: طلاق بدعة؛ فقد ثبت عنه ÷ أن كل بدعة ضلالة، ولا خلاف أيضًا أن هذا الطلاق مخالف لما شرعه الله في كتابه، وبيّنه رسول الله ÷ في حديث ابن عمر، وما خالف ما شرعه الله ورسوله فهو رد؛ لحديث عائشة عنه ÷: «كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد»، وهو حديث متفق عليه، فمن زعم أن هذه البدعة يلزم حكمها! وأن هذا الأمر الذي ليس من أمره ÷ يقع من فاعله! ويعتد به! لم يقبل منه ذلك إلا بدليل! وإذا كان من جملة طلاق البدعة إيقاع الثلاث دفعة كما أ شرنا إليه سابقا؛ فهذه الصورة من طلاق البدعة بخصوصها، وسيأتي الكلام فيها إن شاء الله» اهـ كلامه.