وقوع الطلاق البدعي
  البدعي أرجحُ، ويؤيد هذا أنه أخرج ابنُ وهْب في مسنده عن ابن أبي ذئب أنه قال: في الحديث عن النبي ÷: «هي واحدة»، وقال ابن أبي ذئب: وحدثني حنظلة بن أبي سفيان: سمع سالماً يحدث عن أبيه عن النبي ÷ بذلك، وأخرجه الدارقطني عن يزيد بن هارون عن ابن أبي ذئب وأبي إسحاق جميعاً عن نافع عن أبي عثمان عن النبي ÷: «هي واحدة» وأخرج الدارقطني أيضاً من رواية شعبة عن أنس بن سيرين عن ابن عمر في القصة، فقال عمر: يا رسول الله أفتحتسب بتلك التطليقة؟ قال: «نعم» اهـ كلامه من (جراره)!
  فقد وقفت على كلام الفقيه هنا، وعرفت خلوهَّ عن الفائدة، وبُعْدَه عن الحق، وتجردَه عن الدليل، وما أشبهه برسالته التي أشار إليها في مستهل بحثه، وأنه جمع فيها من ذيول المسألة، وكذا ما رقمه هنا، ما هي إلا ذيول، والذيل لا تحله الحياة؛ فقد خرج من المعركة التي هوَّلها وعظَّمها مهزومًا مضروبًا بسيف سنة رسول الله ÷ وإجماع علماء الإسلام.
  وأما قول الشوكاني «وإذا كان جملة طلاق البدعة إيقاع الثلاث دفعة كما أشرنا إليه سابقاً فهذه الصورة من طلاق البدعة بخصوصها، وسيأتي الكلام فيها إن شاء الله» اهـ كلامه.
  فأقول: الذي سيأتي له من الكلام هو قوله ص ٣١٠ ج ٢ من (وبل الغمام) ولفظه: «وقد ظهر مما سقناه من الأدلة أن الطلاق ثلاثاً بلفظ واحد، أو ألفاظ في مجلس واحد من دون تخلل رجعة تقع واحدة(١)، وإن كان بدعياً فتكون هذه الصورة من صور الطلاق البدعي واقعة مع إثم الفاعل دون سائر صور البدعي! فلا يقع الطلاق فيها؛ لما قدمنا تحقيقه» اهـ كلامه!
  فالعجب من هذا التحكم والتفريق بين صور الطلاق البدعي من دون دليل إلا مجرد الأهواء والخيالات المختلة! على أنه قد تناقض في (الجرار) ج ٢ ص ٣٦٩ ولفظه: وأما اشتراط أن تكون واحدة فقد قدمنا أنه لا يدل دليل على ذلك في الحائض، ولا ورد ما يدل على اشتراطه في طلاق السنة في غير الحائض! اهـ كلامه من (جراره).
(١) وهو المذهب.