وقوع الطلاق البدعي
  المراجعةُ، أو: لم يرها شيئاً جائزاً في السنة ماضياً في الاختيار، وقال ابن عبد البر: قوله: (لم يرها شيئاً) منكر لم يقله غير أبي الزبير، وليس بحجة فيما خالفه فيه مثلُه، فكيف إذا خالفه من هو أوثق منه، ولو صح فمعناه عندي - والله أعلم - ولم يرها شيئاً مستقيماً؛ لكونها لم تكن على السنة، وقال أبو داود بعد إخراجه لهذه الزيادة: روى هذا الحديث عن ابن عمر جماعةٌ، وأحاديثُهم على خلاف ما قال أبو الزبير.
  وبهذا تعرف أن القول بوقوع البدعي أرجح. اهـ كلامه من (جراره).
  وأما إرسال الثلاث(١) فهي في المذهب ليست إلا واحدة، إلا إذا صدرت من مقلد لمن يقول: بأنها ثلاث. أما العامي في المذهب فيُسْأَل عن قصده، فإن قصد واحدة فواحدة، وإن أراد الثلاثَ فثلاث. وقد أوضح هذا في (حاشية شرح الأزهار) ج ٢ ص ٤٥٤.
  وحديث ركانة يؤيد هذا؛ إذ قال له ÷: «آلله ما أردتَّ إلا واحدة»؟ فقال: والله ما أردتُّ إلا واحدة(٢). وعمل بقوله، فأنت ترى أن الفقيه حشر نفسه في مضيق، فهوى في مكان سحيق، وخالف ما في الصحيحين وغيرهما، وخالف أقوال أهل العلم، بل خالف رسول الله ÷، كما ثبت عن صاحب القصة، وعن ابنه سالم. وعن سعيد أنه ÷ حَسَبها عليه تطليقة، وهو نص البخاري. وبما نقلنا لك عن (المغني) مما نقله عن ابني المنذر وعبدالبر أنه لا يقول بعدم وقوعه إلا أهل الزيغ والضلال، وهذا هو القول الصحيح.
  وقد حاول الشوكاني دحضه، وإنما يدحض الباطل على أن رأي الفقيه في (الجرار) من رأي الجمهور، قاضٍ بوقوعه. انظر جراره ج ٢ ص ٣٦٩ في بحثه في طلاق ابن عمر زوجه حائضا، وإيراده الأدلة الدالة على وقوعه، والآثار من العلماء، وختم مقاله بقوله: «فهذه الروايات تدل على وقوع البدعي، وقد ذهب إلى ذلك الجمهور» اهـ كلامه من (جراره).
  وفي ص ٣٧١ من (الجرار) قال الشوكاني ما لفظه: وبهذا تعرف أن القول بوقوع
(١) أي التلفظ بالطلقة تلو الأخرى بدون تخلل الرجعة.
(٢) التجريد، سنن أبي داود برقم (٢٢٠٦)، سنن ابن ماجة برقم (٢٠٥١)، سنن الترمذي برقم (١١٧٧، المعجم الكبير برقم (٤٦١٣، المستدرك ٢/ ١٩٩.