الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

عدم احتياج الطلاق الصريح إلى نية

صفحة 333 - الجزء 2

  قريب، وينزع إلى مألوفه، وعُكْرِه من الغلاط والجدال بالباطل فيقول: «وأما مع عدم المنازعة فيعمل المتكلم بذلك اللفظ بما يدين الله به إن كان قاصدًا للمدلول صارت مطلقة، وإن لم يقصد فهي امرأته باقية تحت نكاحه، وهذيانه لا حكم له» اهـ.

  أقول: لا يصدر هذا من العامي الصِّرْف، ولا يتصور أن يقول لزوجه: (أنتِ طالق)، ثم يقول: (ما قصدت الطلاق!) وكيف تطيب نفس المرأة أن تبقى معه وقد سمعتْ منه صريح الطلاق، وقد سبق له قبل سطرين أن القول قولها! وكيف كان القول قولها مع المنازعة والقول قوله مع عدمها؟! رحم الله العزي محمد بن صالح بن شمس الدين البهلولي: كان إذا وقف على مثل هذا الخبط والخلط قال: (يا بقر دُقِّي سَبُولِشْ)، أنشدك الله هل هذا هدى وعلم أم غي وضلال؟! يسمي صريح الطلاق من عاقل سَوِيّ هذيانًا لا حكم له، ويحل له ما حرم الله! ثم يقول آخر بحثه: «إن قصد المدلول من لفظ الطلاق - يعني أنه تكلم بصريح الطلاق قاصدًا للفظه - وهو الفرقة حال التكلم به، ولكنه لم يرد بذلك فرقة امرأته، مع كونه مخاطبًا لها، أو مخبرًا للغير عن طلاقها؛ فهذا هو الهازل، وهزل الطلاق جِدّ كما ورد بذلك الدليل» اهـ.

  أقول: هذا ما انتهى به كلامه، وفي نفس كلامه للمتأمل ما يدفعه وينقضه؛ لأنه لا يرجع إلى هدى، ولا يأوي إلى شيء من كتاب أو سنة أو إجماع.

  وأختم المقال بقول جار الله في «أساس البلاغة»: حسبناك جُهَيْنَةَ فوجدناك جُهَيْلَةَ.