الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

(وجوب معرفة الله وتنزيهه عن التشبيه والتجسيم)

صفحة 354 - الجزء 2

  حيز المنع من صحتها ونقول: إنها أحاديث إسرائيلية مكذوبة على رسول الله ÷ ومخالفة للنصوص القرآنية القطعية لاسيما قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِير}⁣[الشورى: ١١].

  ولذلك احتاج من نقل تلك الأحاديث أن يتأولها للخروج من التجسيم والتشبيه، ومن هنا تعلم سبب تحذير الشوكاني من علم التوحيد؛ لأن علم التوحيد يفضح كذب تلك الأحاديث الموضوعة التي تمسك بها، فهو يقدِّم هذه الأحاديث الظنية المعارضة للنصوص القطعية.

  أما قوله: «وما كان عليه السلف الصالح» اهـ، فنحن في حيز المنع أن سلفه من المشبهة والمجسمة هم سلف صالح بل هم سلف طالح، إذ السلف الصالح هو ما كان عليه أهل بيت النبوة وأخيار الصحابة، وهل هناك سلفية أرقى من سلفية علي # الذي جمع التوحيد كله في (نهج البلاغة) الذي استقاه من رسول الله ÷.

  وقوله: «كبعض أحاديث الصفات فأكل أمره إلى الله مع الإيمان بظاهرها» اهـ.

  أي أنه يؤمن في أحاديث الوجه واليدين والحقو والصعود والنزول والاستواء والجلوس ... إلخ بظاهر جميع ذلك أي أن لله يداً ورجلاً ووجهاً وساقاً وحقواً ... إلخ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا ..

  العجب منه ومن أمثاله المشبهة والمجسمة والحشوية يؤولون مثل قوله تعالى: {وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى}⁣[الإسراء: ٧٢]، وكذا {وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا}⁣[الفجر: ٢٢]، {بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيد}⁣[سبأ: ٤٦]، {لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ}⁣[فُصِّلَت: ٤٢] .... إلخ.

  أما الآيات المتشابهة المتعلقة بالله تعالى فيجرونها على ظاهرها حفاظاً منهم على أحاديث موضوعة إسرائيلية وضعها كعب الأحبار وغيره.

  هل هناك تشبيه أو تجسيم أعظم من هذا؟!

  لا قوة إلا بالله!