التخيير في الحضانة هو للمراهق الراشد لا للصبي
  ثم قال الشوكاني: «إنما حملنا هذه الأحاديث لقوله ÷: [أنت أحق به مالم تنكحي] فيقال: هذا الحديث لا يوجب هذه التعسفات فإنه لم يقل لها: (أنت أحق به دائماً) ... إلخ» اهـ كلامه.
  أقول: لعمري إن هذا لدليلٌ على جهل الفقيه للتراكيب العربية، والدلالات اللفظية؛ لأنه يريد نفي ما أراد النبي ÷ إثباته، ويطفئ مصباحاً أناره رسول الله، والمعنى واضح فيه وفي أمثاله من التراكيب، فقولك مثلاً: (أنت صائم مالم تَطْعَم) أي مُدّة عدم طَعْمك، و (أنت متوضئ مالم تُحْدِثْ) أي: وضؤُك صحيح وباقٍ ما عَدِمَ الحدثُ، و (يد الله مع الشريكين مالم يَخُنْ أحدهما صاحبه) أي مدة عدم الخيانة فمعنى الحديث يظهر من التراكيب التي أوردناها، ويظهر إمّا: عِيّ الشوكاني إلى أقصى حد أو تعصبه.، ضد السنة النبوية، والصحيح من ثابتها، لأن معناه (أنت أولى به مالم يصدر منك نكاح) أي مدة عدم تزوجك فَـ (مَا) هنا ظرفية زمانية، وولاية الأم مستغرِقة لهذا الظرف، فإن نكَحَت بطلت ولايتها، مالم يكن قريباً لأبي الطفل، كأن تكون الحاضنة خالة، والطفل ابن عم للزوج، كولاية زوجة جعفر بن أبي طالب لابنة حمزة بن عبدالمطلب ®، إذا ثبت ما رَقَمنا وُصح عندك ما أقمنا، فاعلم أن الام لا تخيير بينها وبين غيرها مع عدم المبطل لولايتها، لحصول المعارضة بين التخيير وبين قوله ÷: «أنتِ أولى به»؛ لأنه لا تخيير بين الأولى وبين من لا ولاية له، وعلمت من خلال ذلك رجحان ما رجحه الإمام، وأن الفقيه كما يقال في المثل: (يَهْرِفُ بما لا يَعْرِفُ)، ثم إن الطفل الصغير لا خِيَرة له مع رَسْم النبي ÷ للطريق، وبيان موضع الحضانة، ولأن الطفل لا يختار إلاَّ أسوأ المربيينِ، والظاهر - والله أعلم - أنه لا يُخَيَّرُ إلا المميِّز الذي أُونس منه الرُّشْدُ، واستحق أن يُعطى مالَه، وأصبح أهلاً لرعاية مصلحة نفسه، وإذا لم يكن بالغاً، وقد استغنى بنفسه أكلاً وشرباً ولباساً ونوماً، فالابن للأب، والأم أولى بالأنثى، وبهما حيث لا أب، كما قال الإمام المهدي # في (الأزهار).