الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

(بطلان حديث خمس رضعات يحرمن)

صفحة 380 - الجزء 2

  بما لفظه: وأما حديث عائشة فغير جائز اعتقاد صحته على ما ورد لأنها ذكرت أنه كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات فنسخن بخمس، وأن رسول الله ÷ توفي وهو مما يتلى، وليس أحد من المسلمين يجيز نسخ القرآن بعد موت النبي ÷، لم يخل ذلك من أحد وجهين: إما أن يكون الحديث مدخولاً من الأصل غير ثابت الحكم، وما كان منسوخاً فالعمل به ساقط، وجائز أن يكون ذلك وقد كانت عائشة تقول به في إيجاب التحريم في رضاع الكبير دون سائر أزواج النبي ÷، وقد ثبت عندنا وعند الشافعي نسخ رضاع الكبير، فسقط حكم التحديد. اهـ المراد.

  وفي (شرح مشكل الآثار) للطحاوي ج ٣ ص ٦ ما لفظه: باب بيان مشكل ما روي عن عائشة أنه كان أنزل (عشر رضعات يحرمن) في القرآن، فنسخن بخمس رضعات، وأن رسول الله توفي وهو مما يقرأ في القرآن: حدثنا يونس بن عبدالأعلى: أنبأنا ابن وهب أن مالكاً حدثه عن عبدالله بن أبي بكر عن عمرة ابنة عبدالرحمن عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، ثم توفي رسول الله ÷ وهن مما يقرأ من القرآن، قال أبوجعفر - الطحاوي - وهذا مما لا نعلم أحداً رواه كما ذكرنا غير عبدالله بن أبي بكر، وهذا عندنا وَهَمٌ منه، أعني ما فيه مما حكاه عن عائشة أن رسول الله توفي وهن مما يقرأ به في الصلاة، وحاشا الله أن يكون كذلك، أو يكون قد بقي من القرآن ما ليس في المصاحف التي قامت بها الحجة علينا، وكان من كفر بحرف مما فيها كافراً، ولكان لو بقي من القرآن غير ما فيها لجاز أن يكون ما فيها منسوخاً لا يجب العمل به وما ليس فيها ناسخ يجب العمل به، وفي ذلك ارتفاع وجوب العمل بما في أيدينا، ونعوذ بالله من هذا القول وممن يقول. اهـ المراد.

  فانظر إلى ما قاله الفقيه في آخر بحثه، واتل قوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا ...} إلى قوله: {... الْكَاذِبِين} فهي أقطع لِلَّددِ والله المعين.