الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

رضاع الكبير لا يعتد به في التحريم

صفحة 387 - الجزء 2

  نعم: بهذا يظهر لك أن إجماع الصحابة ومعهم أزواج النبي ÷ وأهل بيت النبوة أن رضاع الكبير لا يُحَرِّم ولا حكم له؛ استناداً إلى ما نقلنا لك.

  ثم من جهة النظر: تأمل في قوله ÷: «الرضاع ما أنبتَ اللحمَ وأنشزَ العظم» لتفهمَ علة التحريم وأنها قريب من علة تحريم الأم من النسب؛ لأن الجامع بينهما الجزئية، فالولد من أمه جزء بلا مراء، والمرضعة حينما صارت مشاركة للأم في العلة شاركتها في الحكم وهو التحريم، أما رضاع الكبير فهو لا يُنْبِتُ لحماً، ولا ينشز عظماً، فلا يعتبر الرضيع الكبير جزءاً من مرضعته، لاسيما وقد جعل القرآن للرضاع حداً ينتهي إليه وهو ما نطقت به الآية {لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}، وتأيد بما نقلناه من (السنن الكبرى) و (المختارة) أنه لا حكم إلاَّ لما كان في الحولين، وأن رضاعاً خارج الحولين لا حكم له، وقد أراد الفقيه أن يتمسك بالأغصان اليابسة، والأهداب المبتورة، ويدعمها، ويدفع عنها بصدره ونحره، ولكن الدليل أقوى منه وأنطق؛ لأن قوله سيكون بعد إقامة الحجة زَبَداً، رغم أنه يدعم أبا طيله بالافتراء على علم المعاني وعلى الزمخشري، ويدَّعي أن ثم قاعدة تقضي بأن الخبر إذا كان مضارعاً يقتضي الحصر، ولأول مرة أسمع هذه المضحكة! وصدق الله إذ يقول: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُون}⁣[الأنبياء: ١٨] ... ة.

  وبهذا ينتهي القسم الأول «قسم العبادات»، ويليه القسم الثاني «المعاملات»، وأوله البيع، تم الفراغ منه بتاريخ ٢٨/رمضان المبارك/١٤٣١ هـ الموافق ٧/ ٩/٢٠١٠ م.

  وأخيراً: نستمد من الله أن يمدّنا بتأييده، ويؤيدنا بمدده، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا عبد الله ورسوله محمد وآله الأطهار ورضي عن الصحابة الأخيار وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

  وعين الله ناظرة إلينا ... وستر الله مسبول علينا

  ونختم بالصلاة على محمد ... وآل محمد في العالمينا