(باب) من تصرف فيه الزكاة
  وقال الشافعي: إن الفقير أضعف منه. وقال أبو يوسف: إنهما سواء(١).
  واعلم أن كل ما جاز¹ صرفه إلى أحدهما من الزكاة جاز صرفه إلى الآ³خر عند هؤلاء جميعاً، وأما من غير الزكاة - نحو أن يوصي بوصية(٢) لأحدهما - فقيل(٣): يجوز صرفها في كل واحد منهما عند الجميع أيضاً. وفيه نظر.
  وقال الفقيه محمد بن سليمان والفقيه محمد بن يحيى: لا يجوز مطلقاً(٤). ولعله يعني(٥): عندنا والشافعي، لا عند أبي يوسف؛ لأنه يسوي بينهما.
  وقال الفقيه يحيى البحيبح: إن ما أوصي به¹ للمسكين لم يجز صر´فه إلى الفقير عندنا(٦). وعند الشافعي يجوز؛ لأن الفقير عنده مسكين وزيادة.
(*) لقوله تعالى: {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ ١٦}[البلد]، قيل: لصق جسمه بالتراب لشدة عريه [فلم يلق ما يحول بينه وبين التراب]. واحتج الشافعي بقوله تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ}[الكهف: ٧٩]، مع أنها أنصباء، ووصفهم بالمسكنة. قلنا: أضافها إليهم وهم أجراء، أو حصة كل واحد منهم يسيرة. ويؤيده من قرأ (لمسَّاكين) بتشديد السين. (زهور، وهاجري). قال الإمام شرف الدين: لا حجة لهم في ذلك؛ لأنه متأول، وأحسن ما يحتج به لهم قوله ÷: «وأمتني مسكيناً» مع تعوذه من الفقر. وإنما قال ذلك لأجل الحاجة؛ لأنه كان لا يحب الحاجة. قالوا: قال تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ}[التوبة: ٦٠]، فبدأ بهم. قلنا: لأنهم يفتقرون إلى الناس فلا يسألون، فأمر بإغنائهم، وسد خلتهم، ودفع فاقتهم. (حاشية بحر).
(١) فإن قيل: ما وجه ذكره في الآية لو كانا سواء؟ قال: يكون تأكيداً في حق الفقير.
(٢) أو نذراً أو وقفاً. (é).
(٣) الإمام يحيى. وقيل: القاضي زيد. (شرح راوع).
(٤) أي: في الزكاة والوصية.
(٥) بمطلقاً. نخ.
(٦) حيث لا عرف. (é). ولفظ الكواكب: وهذا مع عدم العرف فيهم. (é). ولعل عرفنا عدم الفرق. (غاية). فيكون صرفها على عرف الموصي عموماً وخصوصاً. (é).