(فصل) [في المقلد والتقليد]
  عن أحد من الناس أنه نقل عن واحد من مجتهديهم ما يخالف العدل والتوحيد، بخلاف الأئمة الأربعة فإنهم وإن كانوا منزهين سيما أبو حنيفة والشافعي ومالك، فقد نقل عنهم آحاد من الناس ما يقتضي الخطأ في مسائل أصول الدين، فأشرنا إلى ذلك بقولنا: (وتنزههم عما رواه البويطي(١)) من أصحاب الشافعي (وغيره(٢) عن غيرهم) وذلك الغير هو الشافعي وأبو حنيفة ومالك وابن حنبل، فإن أهل البيت $ منزهون عما روي عن هؤلاء(٣) (من إيجاب القدرة) لمقدورها، وذلك يستلزم الجبر(٤)، (وتجويز الرؤية(٥)) على الله تعالى يوم القيامة، وذلك يستلزم
(١) البويطي: هو أبو يعقوب يوسف بن يحيى، نسبة إلى بُوَيْط، قرية من قرى صعيد مصر الأعلى، وهو خليفة الشافعي في حلقته، وأحد أصحابه، وهو قرشي، كما نص عليه الترمذي في آخر جامعه، وأول من حمل كتبه إلى بخارى، مات في السجن والقيد ببغداد سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، وقيل: سنة إحدى، وصححه ابن خلكان. (من ابن الملقن).
(٢) المزني، والربيع بن زياد.
(٣) لأنه ينسب إليه القول بإيجاب القدرة لمقدورها، وصلاحيتها للضدين [أي: الفعل والترك]. وهذا المذهب لبعض متأخري الجبرية، ونصره أبو عيسى الوراق والراوندي عليه اللعنة، وأبو حنيفة بريء عنه. وأما جمهور المجبرة، فيقولون: إن القدرة موجبة لمقدورها، ومقارنة له، وغير صالحة للضدين، وعندنا أنها بالعكس من ذلك، أي: أنها غير موجبة[١]، ومتقدمة[٢]، وصالحة للضدين[٣]. (تلخيص يحيى حميد).
(٤) من حيث إنه يلزم أن لا يتعلق الفعل بالفاعل ولا ينسب إليه البتة، بل إنما يتعلق بفاعل القدرة؛ لأنها موجبة له، وفاعل السبب فاعل المسبب.
(٥) روى بعض أصحاب الشافعي عنه أنه قال في قوله تعالى: {إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}[المطففين ١٥]: لما حجبهم في السخط دل على رؤيته في الرضا، ولم يصح ذلك عندنا. (غيث).
[١] بل إن ما يوجد بها على جهة الاختيار.
[٢] على المقدور بوقت، فقدرة العَمَّار مثلاً حاصلة فيه قبل وجود العمارة.
[٣] يعني: الفعل والترك، فوجود أحدهما دون الآخر باختيار الفاعل ليس إلا.