(باب الاعتكاف)
  «من صام رمضان وأتبعه ستة أيام من شوال فكأنه صام الدهر»(١). وقال أبو حنيفة ومالك: إنه يكره صيام هذه الأيام.
  (و) يوم (عرفة) يستحب صومه للحجيج ولأهل سائر الأمصار عندنا وأبي حنيفة؛ لما روي عنه ÷ أنه سئل عن صوم يوم عرفة فقال: «يكفر السنة الماضية والباقية»(٢). وقال الشافعي: يكره صومه للحجيج؛ لأنه يضعف به عن الدعاء في هذا اليوم.
  (و) يوم (عاشوراء(٣)) يندب صومه، وهو يوم عاشر شهر محرم؛ لقوله
(١) لأن رمضان بثلاثمائة يوم، والست التي في شوال بستين يوماً، يكمل عدد السنة ثلاثمائة وستين يوماً.
(٢) قال الإمام يحيى: ومعنى تكفير السنة الماضية: أن الله يمحو عنه ذنوب ما مضى، ويعفو عنها، وأما تكفير السنة المستقبلة فيحمل على أن الله يوفقه للأعمال الصالحة، وإما على أن الله يلطف به في الانكفاف عن مواقعة الأعمال السيئة بسبب صومه ليوم عرفة. ويحتمل أن يقال: إنه يكتب له من الثواب مثل ما سقط عنه في العام الماضي بسبب صومه ليوم عرفة. (شرح بحر).
(*) أي: المستقبلة.
(٣) وهو يوم معظم في جميع الملل؛ لأن فيه تاب الله على آدم #، واستوت السفينة على الجودي، وولد الخليل وموسى وعيسى $، وبردت النار على إبراهيم #، ورفع العذاب عن قوم يونس، وكشف ضر أيوب، ورد على يعقوب بصره، وأخرج يوسف من الجب، وأعطي سليمان # ملكه، وأجيب زكريا حين استوهب يحيى، وهو يوم الزينة الذي غلب فيه موسى السحرة، ولما قدم النبي ÷ المدينة وجد يهودها يصومون عاشوراء، فسألهم عن ذلك، فقالوا: إنه اليوم الذي غرق فيه فرعون وقومه، ونجي موسى ومن معه. فقال عليه الصلاة والسلام: «أنا أحق بموسى منهم» فأمر بصوم عاشوراء، وكان الإسلاميون يعظمون هذا الشهر بأجمعهم، حتى اتفق في هذا اليوم قتل الحسين # مع كثير من أهل البيت $ فزعم بنو أمية أنهم اتخذوه عيداً، فتزينوا فيه، وأقاموا فيه الضيافات، والشيعة =