(فصل) [في المقلد والتقليد]
  (و) لا بد مع معرفة طرقها من معرفة (كيفية العمل عند تعارضها(١)) لأن المجتهد قد يعلل بعلة وربما جاء في بعض نصوصه ما يعارض تلك العلة فلا يصح القياس إلا بعد الترجيح(٢) إن أمكن، وإلا فكالقولين(٣).
  قال #: وإلى اعتماد الترجيح أشرنا بقولنا: (ووجوه ترجيحها(٤)) أي: لا بد من معرفتها؛ لأنه قد يحتاجها، وأكثر ما يحتاج إليه منها ما يرجِّح صحة(٥) طريقها، نحو أن تكون إحدى المتعارضتين نص عليها المجتهد نصاً صريحاً(٦)، والأخرى نبه عليها فقط، وقلَّما يحتاج إلى غير ذلك من وجوه الترجيح المذكورة.
  فإن قلت: إن ظاهر قولك: «وطرق العلة، ووجوه ترجيحها» يقتضي أنه يلزمه
(١) ولا تعارض في قطعتين، ولا في قطعي وظني. (معيار).
(٢) وذلك كما إذا قال العالم: «يحرم التفاضل في البر لكونه مكيلاً»، وقال في جوابِ «إن البر مطعوم» فيقول: «يحرم فيه التفاضل»، فيفهم من هذه العلة في تحريم التفاضل الكيل والطعم، فلا يصح من المقلد القياس إلا إذا عرف كيفية العمل عند التعارض؛ ليعرف أي العلتين يعلل بها، وهو يعرف بمعرفة وجوه الترجيح. (تعليق على المقدمة).
(٣) يطرحا.
(٤) صوابه: بوجوه ترجيحها. قيل: مائة وجه، وقيل: ثمانمائة، وقيل: تسعمائة. لعله يعني: وجوه الترجيح.
(٥) أي: قوة طريقها.
(٦) نحو قوله: «يحرم الكلب لكونه ذا ناب»، مع قوله: «الضبع نافع مستطاب». فنص على العلة في الأول، ونبه عليها في الثاني، فترجح العلة الأولى - لكونها منصوصاً عليها - على الأخرى؛ لكونها منبهاً عليها. (ورقات).
(*) كأن يقول: «كافر لا يستغفر له؛ لأنه من أهل النار»، ويقول في موضع آخر: «كافر لا يستغفر له»، ثم يقاس الفاسق على الكافر بتحريم الاستغفار؛ لأنه من أهل النار. فيقول الخصم: ليس العلة في الكافر كونه من أهل النار، بل لأجل الكفر، ولم يحصل في الفاسق. فنقول: علتك تنبيه النص، وعلتنا بالنص. (مضواحي). والنص أقوى.