(فصل): في حكم الحلف بالطلاق
  يقول: «أنت طالق إلا أن يشاء الله حبسك(١)، أو إلا أن يشاء أبوك» - فإنها لا تطلق(٢) إن شاء الله إمساكها حيث علق بمشيئة الله، أو أبوها حيث علق بمشيئته.
  فحيث يكون الطلاق محظوراً(٣) أو مكروهاً(٤) فإنه لا يقع؛ لأن الله تعالى يشاء إمساكها، وإن كان واجباً(٥) أو مندوباً(٦) أو مباحاً فإنه يقع¹ الطلاق(٧)؛ لأن الله
(*) فلو قال: «أنت طالق لولا الله، أو لولا أبوك» لم يقع؛ لأن± معنى «لولا» امتناع الشيء لوجود غيره، فكأنه قال: «لست بطالق لوجود أبيك». (غيث معنى).
(١) فلو قال: «أنت طالق إلا أن يشاء الله» ولم يقل: «حبسك» - فيحتمل: إلا أن يشاء الله طلاقك، ويحتمل: إلا أن يشاء الله حبسك، فله نيته±. (شرح بحر) (é). فأما لو كان مراده إلا أن يشاء الله عدم طلاقك، أو لم يكن له نية فيه - فهذا هو الظاهر من لفظه واستثنائه، وحكمه أنه إذا كان طلاقها حينئذ واجباً أو مندوباً أو مباحاً طلقت، وإن كان محظوراً أو مكروهاً لم تطلق؛ لأن الله تعالى يشاء عدم طلاقها. (é).
(٢) فإن قيل: لم يصح الاستثناء هنا واستثناء الكل لا يصح؟ فالجواب: أن هذا الاستثناء في معنى الشرط، كأنه قال: «أنت طالق إن لم يشأ أبوك». (وشلي). قلت: وهذا جواب يحصل به المغنى للمبتدئ، فأما المنتهي فهذا جواب غير مقنع له؛ لأنه يقول: الاستثناء المستغرق لا يصح في حال من الأحوال. نعم، فهذا في التحقيق غير مستغرق، وما هذا بموضع تفصيله، وقد ذكرنا في شرح المفصل في باب الاستثناء ما يحصل به جواب هذا السؤال فخذه من هناك. (غيث بلفظه).
(٣) وهو حيث يخشى العنت. (بيان).
(٤) حيث طلقها لتحل لمن طلقها، وحيث يستحب له النكاح ولم يجد سواها. (بيان معنى).
(٥) حيث يعلم أنها تزني ولم تتب.
(٦) حيث يتهمها بالزنا.
(٧) قال في بعض الحواشي: ويقع الطلاق في المباح؛ لأنه على النفي، وهو هنا علق الطلاق بعدم المشيئة، وعلق الإمساك بالمشيئة، والله سبحانه وتعالى لا مشيئة له في المباح، فوقع هناك. ذكر معنى ذلك في الصعيتري والرياض. وقد شكل على المباح، وليس ذلك على بصيرة. ومن قال: إنه لا مباح في الطلاق - كما هو قول بعضهم - فذلك بمعزل عن هذا التفصيل. (شامي).