شرح الأزهار ط أهل البيت،

عبد الله بن أبي القاسم بن مفتاح (المتوفى: 877 هـ)

(باب القرض)

صفحة 503 - الجزء 5

(باب القرض(⁣١))

  اعلم أن القرض⁣(⁣٢) مشتق من القطع؛ لما كان المقرض يقطع قطعة من ماله


(١) وفي الآثار: أن القرض أفضل من الصدقة؛ لأن الإنسان لا يستقرض إلا من حاجة، والصدقة قد تصادف الحاجة وقد لا. ويستحب للإنسان أن يستقرض وإن كان غنياً عنه؛ ليعزم على قضائه، ويمشي به إلى غريمه، وعنه ÷: «من مشى إلى غريمه بحقه صلت عليه دواب الأرض ونون الماء، وثبت له بكل خطوة شجرة في الجنة وذنب يغفر». (غيث). قلت: والتعفف عن ذلك أفضل وأسلم من الخطر؛ لما ورد من التشديد في حق من مات وعليه دين لم يترك له قضاء، كحديث أبي موسى أن رسول الله ÷ قال: «إن من أعظم الذنوب عند الله تعالى بعد الكبائر التي نهى الله عنها أن يموت رجل وعليه دين لا يدع له قضاء». (شرح أثمار).

(*) قال في شمس العلوم: ويقال: أصله أنه وقع قحط شديد في اليمن حتى عدم الحب وانقطع، فلم يزرع في اليمن زماناً طويلاً، وكانوا يمتارون من مصر سني يوسف #، فانقطع الحب عن امرأة منهم، فسألت جارة لها من نساء ملوكهم أن تعطيها سلفة من طعامها، فإذا جاءت ميرتها أعطتها مثلها، ففعلت، فعلم الناس بخبرهما وفعلوا ذلك، فشاع ذلك في اليمن، ثم في العرب، وسموا ذلك سلفاً، وكانوا قبل ذلك لا يعرفون السلف، بل كان إذا انقطع ميرة أحدهم أغلق عليه بابه واحتبس في منزله إلى أن يموت تكبراً عن السؤال، ويسمون ذلك الاعتفاد. وسبب انقطاع الزرع من اليمن أن أهل مصر كانوا يبلون الحبوب في الماء ويوقدون عليها لئلا تبذر، كما يفعل بالفلفل في الهند، فما زالوا كذلك حتى احتال رجل من حكماء حمير يسمى ذا النخر فوضع حماماً له على أصناف الحبوب بمصر، فلقطت منها، ثم خرج وذبحها واستخرج الحب من حواصلها وبذره في اليمن، وعرف أهل اليمن أوقات الزرع وآلة الحرث. (ترجمان).

(*) القرض مكرمة شرعها الشرع لحاجة المحتاج، أو ضمان الشيء بمثله بالتراضي. ويخالف المعاوضة بامتناع الأجل، وعدم اعتبار التقابض. (بحر).

(٢) ويستغرق الأحكام الخمسة. (هداية). فيجب عند الضرورة، ولنفقة الأولاد الصغار والوالدين العاجزين والزوجات، ويندب لصلة الأرحام، ويباح كلشراء ما يشتهى، ويكره كالتدين لغير ضرورة، ويحرم حيث كان فيه ربا. (هامش هداية).