(باب الوضوء)
  وقال زيد بن علي وأبو حنيفة: إن النوم في حال الصلاة لا ينقض، سواء كان قائماً(١) أم راكعاً أم ساجداً أم قاعداً(٢).
  قال #: ولما كان في النوم ما يعفى عنه أخرجناه بقولنا: (إلا خفقتي نوم(٣)) والخفقة: هي ميلان الرأس من شدة النعاس، فيعفى عن خفقتين (ولو توالتا(٤)) وصورة التوالي أن يميل رأسه ثم ينتبه انتباهاً غير كامل، بحيث لا يستكمل رفع رأسه عن ذلك الميل حتى يستقل(٥) إلا ويعود في النعاس.
(١) لقوله ÷: «إذا نام العبد في سجوده باهى الله به ملائكته، يقول: عبدي روحه عندي وجسده ساجد بين يدي»[١]. والمذهب أنه ينقض؛ للحديث الذي قدمنا، وهذا إنما يدل على فضل العبادة، لا على أن النوم لا ينقض. (غيث).
(٢) وقال الشافعي: إذا كان ممكِّناً لمقعدته على الأرض لم ينقض. (بيان) لأن النوم مظنة للحدث، ولا ظن هنا. قلنا: بل هو حدث في نفسه. قال: قال ÷: «من نام قاعداً فلا وضوء عليه». قلنا: إنما لم ينقض نوم القاعد لأنه في غالب أحواله لا يكون إلا قليلاً لا يزول معه العقل، لا لكونه في حال القعود. (بستان بلفظه).
(٣) قال في الروضة: وفي التحقيق أن النوم ينقض مطلقاً؛ لأن الخفقتين ليستا بنوم على الحقيقة. قال في الشرح: لأن العقل لا يزول بالخفقتين، فالاستثناء منقطع. (رياض). والصحيح ±عندنا أنه يزول؛ لأن ميلان الرأس لا يصدر مع كمال العقل، ولأنه قد يميل به على وجه يستشنع، وذلك لا يكون مع تمام العقل. وإنما عفي عن الخفقتين لما روي عن ابن عباس ®: «وجب الوضوء على كل نائم إلا من خفق خفقة أو خفقتين». (غيث).
(٤) صوابه: إن توالتا. وقيل: لا اعتراض؛ لأن «لو» شرطية بمعنى «إن».
(٥) أي: يستيقظ.
(*) أي: يستقيم.
[١] فسماه ساجداً، فدل على أن وضوءه غير منتقض، ثم قاسوا على السجود غيره من أحوال الصلاة. قلنا: يحمل على أن المراد به ما لم يزل معه العقل، أو أنه ÷ أراد بذلك المدح على المجاهدة للنفس في مكابدة العبادة؛ لأن النائم حقيقة لا يمدح على شيء من أفعاله ولا يذم. (بستان).