(باب القسمة)
(*) قوله في الأزهار: «ولا بين العبد وربه» يؤخذ من هذا أن المعاطاة يدخلها الربا، ويؤخذ أيضاً مما تقدم في الزكاة في قولهم: «ويجوز إخراج الجيد عن الرديء ما لم يقتض الربا»، ومن قولهم هنا في القسمة: «وتحريم مقتضي الربا»، ومن «غالباً» في الرهن المحترز عنها من مسألة الإكليل، ومن قولهم في الرهن أيضاً: «ويساقط الدين إلا لمانع»، ومن مسألة القماقم المشهورة المتقدم ذكرها في خيار العيب؛ حيث تدخل الحلية قهراً في ملك صاحب القمقم، ويأخذها بقيمتها مصنوعة ما لم يقتض الربا، وإنما حرم مقتضي الربا في هذه الصور وإن لم يكن بيعاً لئلا يؤدي إلى حل ما منع الله الربا لأجله، وهي الزيادة التي حرم الله الربا لأجلها؛ دفعاً للمفسدة المؤدية إلى التهور في أكل أموال الناس بالباطل. فإن قال القائل: لا معنى للأخذ من هذه الصور؛ لأن المعاطاة لا تملك، بخلاف هذه الصور فإنها مملكة فأشبهت البيع - يقال: لا نسلم ذلك؛ لأنا قد قلنا: ولا بين العبد المأذون وسيده، مع أن ذلك ليس يقتضي التمليك، إنما هو استفداء لملكه بملكه؛ لذا جعل الخيار للسيد في تسليم رقبة العبد وما في يده، فإذا كان ذلك محرماً في المعاطاة في ملكه فبالأولى والأحرى في المعاطاة التي من غيره، مع أنه لو قيل بصحة الاعتداد بخلاف الدواري والشامي لقبلها فائدة الخلاف في دخول الربا المعاطاة أو عدم الدخول؛ لأن من قال: «إنها مملكة» لم يقل بجواز طيب الزيادة لآخذها، بل ليس له إلا رأس ماله لا يظلم ولا يظلم، ومن قال: «إنها لا تفيد التمليك» لم يقل أيضاً: إنها تطيب الزيادة؛ لأن اللازم عنده في المعاطاة قيمة القيمي ومثل المثلي، فالزيادة لا تطيب للآخذ إجماعاً، بل هي باقية للدافع، ولعل فائدة الخلاف في الإثم وعدمه، وفي جواز التصرف بالمأخوذ وإن كان مضموناً عليها، فمن قال «لا يدخلها الربا» يقول: لا يأثم بقصده؛ لأنه غير مؤثر حيث لم يكن اللازم إلا القيمة، ويجوز له التصرف؛ لأنه مأذون له به، وليس منهياً عنه شرعاً، لكن هذا مسلم لو فرض اجتهاد الدواري والشامي رحمهما الله تعالى، وكان ذلك نصاً لهما، لكن اجتهادهما ليس بمسلّم، وليس نصاً لهما، بل تخريج لا حكم له مع التخريج المذكور من المواضع المذكورة آنفاً، والتخريج من تلك المواضع أقوى؛ لأن التخريج المأخوذ من نصوص كثيرة أقوى من التخريج من نص واحد، وإذا تعارض التخريجان رجح الأقوى منهما، هذا ما ظهر والله أعلم. قال في الأم: من إملاء سيدنا وشيخنا العلامة فخر الإسلام والدين عبدالله بن الحسين دلامة ¦. حرر في شهر الحجة الحرام سنة (١٢٧٥).