(فصل): في أحكام العارية
  (و) الحكم الثاني: أنه (يصح) لمن أعار(١) عيناً (الرجوع فيها(٢)) متى شاء
(١) وكذا المستعير، وفي الفتح وشرحه: (ولكل) من المعير والمستعير (الرجوع) عن العارية؛ إذ هي جائزة من كلا الطرفين.
(٢) ما لم يؤد إلى فعل محظور أو ترك واجب. (فتح). نحو أن يستعير ثوباً ليستر به عورته في الصلاة الواجبة، أو ليصلي عليه في موضع متنجس، أو استعارت المرأة عبداً محرماً لها من مالكه ليحج بها - فإنه لا يجوز الرجوع في العارية بعد الإحرام في الصلاة والحج. ونحو أن يستعير سفينة ليعبر عليها، أو خيطاً ليرتق به جرح محترم الدم، أو آلة من رشاء أو غيره لينقذ به محترماً من نحو بئر، أو نحو ذلك، فإنه لا يجوز الرجوع في العارية حيث يحصل به تلف محترم أو ضرره. ونحو أن يستعير أرضاً لدفن ميت أو ثوباً لتكفينه فإنه لا يجوز الرجوع بعد الدفن حتى تزول أجزاء الميت. (وابل). وله أجرة المثل من يوم الرجوع. اهـ يحقق الكلام؛ فالأولى صحة± الرجوع، وله الأجرة[١] فقط؛ لأن له إتمام عمله، ولا يصير غاصباً كالزرع. (é).
(*) فائدة: لو استعار رجل جملاً أو نحوه من رجل آخر ليحمل عليه إلى موضع آخر، ثم رجع المعير له في بعض الطريق عن عاريته قال #: يلزم المعير أجرته إلى حيث أعاره إن وجد ما يحمله عليه، وإلا لزمه إتمام العارية، وكذا لو استعار مدفناً في جهة بعيدة، ثم حمل المستعير الحب إليها أو إلى بعض الطريق فرجع المعير لزمه غرامة المستعير في ذلك. (شرح أثمار[٢]). قال المؤلف± ما معناه: إن ذلك غير مستقيم على قول أهل المذهب[٣]، قال: ولا يبعد عدم صحة ذلك عن الإمام #، وإنما يستقيم في المسألة الأولى أن يقال: إنه إن خشي على المحمول في ذلك الموضع، وكان لا يوجد من يحمله - لزم المعير إيصاله بالأجرة للزائد، وإلا فلا. وفي المسألة الثانية حيث كان يخشى على الحب المحمول، وكان لا يجد مدفناً يضعه فيه - فإنه يلزم المعير إما إتمام العارية ويأخذ أجرة المدفن، أو يسلم ما لحق المستعير من الغرامة إلى بعض الطريق وإرجاع الحب إلى حيث كان. (وابل).
[١] من يوم الرجوع. (é).
[٢] لفظ الوابل: واعلم أنه قد ذكر في بعض حواشي الأزهار عن الإمام المهدي مسألتان: إحداهما: من استعار بعيراً ليحمل عليه من موضع إلى آخر ثم رجع المعير في بعض المسافة فإنه يلزم المعير أجرة من يحمله إلى الموضع المقصود إن وجد من يحمله، وإلا لزمه إتمام العارية، وكذا لو استعار مدفناً في جهة ليدفن فيها طعاماً ثم عزم بذلك الطعام إلى بعض الطريق ثم رجع المعير عن عارية ذلك المدفن فإن المعير مخير بين إتمام العارية وبين أن يسلم للمستعير ما لحقه من الغرامة إلى ذلك الموضع، قال المؤلف ... إلخ.
[٣] وضعفه المؤلف على قول أهل المذهب، وهو ظاهر إطلاق الأزهار، فيرجع [بالنظر إلى استحقاق أجرة المثل] ويأثم بالإجماع. (é).