(فصل): في أحكام الصدقة
  لا عند المؤيد± بالله(١).
  واختلف أصحاب الشافعي في قدر الإثابة على ثلاثة أقوال: الأول: حتى يرضى(٢).
(١) حجة المؤيد بالله قوله ÷: «تهادوا تحابوا»، ولو كانت تقتضي الثواب لم يحصل التحاب. قيل: في هذا الاحتجاج نظر؛ لأن الهدية تقتضي الثواب عند الجميع، وأيضاً فإن التحاب يحصل وإن اقتضت الثواب. (غيث بلفظه).
(٢) لحديث الأعرابي الثقفي، قال في الانتصار: أهدى إلى النبي ÷ ناقته فأثابه ثلاثاً فلم يرض، فلما لم يرض أعطاه ثلاثاً أخر فلم يرض، فأعطاه ثلاثاً ثالثة فصارت تسعاً فرضي. (زهور).
(*) وفي الحديث: «من ابتدأ إليكم معروفاً فكافئوه» قال في النهاية: وفي الحديث: «لقد هممت أن لا أتهب إلا من قرشي أو أنصاري أو دوسي» أي: لا أقبل هدية إلا من هؤلاء؛ لأنهم أصحاب مدن وقرى، وهم أعرف بمكارم الأخلاق، ولأن في أخلاق البادية جفاء وذهاباً عن المروءة وطلباً للزيادة. (ترجمان). قال في الضياء: ودوس: قبيلة من اليمن من الأزد، وذلك أن أعرابياً أهدى إلى النبي ÷ بعيراً فأعطاه ثلاثة فلم يقبل، فزاده ثلاثة فلم يقبل، فزاده ثلاثة فقبل.
فائدة: فيما يعطى الزوج قبل ليلة الدخول للحناء من قريب أو صديق، وهو أن يعطيه سيفاً أو أرضاً أو نحو ذلك، ولم يأت المعطي بلفظ يفيد التمليك، هل يملك أم لا؟ قال في حاشية المحيرسي ما لفظه: العطية إما هبة أو صدقة أو إباحة أو نحو ذلك، وما يفتقر إلى العقد يبطل حكمه لاختلاله، والقياس العمل بالقرينة من كونه صدقة لحال المعطي، أو هبة أو إباحة، وإما صحيحة أو باطلة، يجري على كل شيء حكمه في بابه، والله أعلم. والذي قرر سيدنا العلامة زيد بن علي الأكوع ¦ في مسألة الحناء: أنه إن حصل بلفظ± تمليك، وحصلت شروطه من القبول وغيره - ملكه، وصح ذلك، فإن لم يقبل رجع مع البقاء لا مع التلف. ويعضد ما قاله المحيرسي من القرينة ما قالوا من أن من كان الظاهر معه القول قوله، والله أعلم. وفي الهداية ما لفظه: ويلحق بالهدية في عدم اعتبار اللفظ كل ما سلط دافعه المدفوع إليه على التصرف فيه لنفسه، كالترافد في الأنكحة والمآتم إلخ. وهذا مسلم إذا كان العطاء منقولاً أو مسلطاً عليه، وأما إذا كان غير منقول؟ فقيل: لا يصح إهداؤه، بل يكون إباحة¹. وقيل: بل يملك بالقبض. (حفيظ). وقيل: بل يبقى أمانة، والله أعلم.