(فصل): في ذكر شروط صحة الوقف
  العرف هاهنا للنذر أظهر من الوقف، إلا أن يكون عرف البلد غير هذا ودلالة الحال، فإنه يكون على ما عليه العرف ودلالة الحال(١).
  نعم، وسواء كان اللفظ صريحاً أم كناية فلا بد (مع) لفظ الواقف من (قصد القربة فيهما(٢)) وإن
المجعول له النذر فالقول قوله±؛ لأنه صريح نذر. (برهان). وقيل: للجاعل؛ لأنه أعرف بنيته حيث لا عرف.
(١) كأن يقال له: «قد وقفت أرضك على زيد؟» فيقول: «قد جعلت».
(٢) أي: في الصريح والكناية.
(*) وإلا لم يصح الوقف، ولا يستحقه± الموقوف عليه من باب الوصية، وقال في بيان ابن مظفر: إنه يستحقه من باب الوصية، حيث قال فيه ما لفظه: فرع: وحيث وقف ماله على بعض ورثته ولم يقصد به القربة لا يصح الوقف، ولعله يستحق هذا الموقوف عليه قدر الثلث وصية بعد موت الواقف؛ لأن قصده مصير ماله بعد موته لمن وقفه عليه. (منه). والمذهب أنه لا يستحق إلا حصته من الميراث؛ لأن الوقف لفظه ليس من ألفاظ الوصية، وكما لو باع ولم يذكر ثمناً لم يكن هبة. اهـ قد ذكروا في العارية المؤقتة أنها تصير وصية بعد موت المالك قبل انقضاء الوقت، مع أن لفظ الوصية غيرها، فيحقق ذلك، وكذا من أقر بوارث أو ابن عم له ولم يدرج استحق الثلث وصية، والله أعلم.
(*) فإن قلت: إن الصريح لا يفتقر إلى النية؟[١] قلنا: هما أمران متغايران؛ لأنه قد يراد الشيء ولا يقصد به القربة بل غيرها، فالنية هي إرادة الوقف من دون نظر إلى كونه قربة أم لا.
(*) فلو التبس ما قصد فالأصل الصحة. وفي البيان ما لفظه: «فلو لم يعرف±[٢] ما قصد به الواقف ..» إلخ، وقول البيان ليس بموضعه هنا.
=
[١] لفظ الغيث: إن الصرائح كلها في العقود لا تفتقر إلى النية فكيف افتقرت هنا إليها؟ قلت: ليس المقصود بقصد القربة هو النية، بل هما أمران متغايران، فالنية هي إرادة الواقف الوقف من دون نظر إلى كونه قربة أم لا، وهذا لا يحتاج إليه مع الصريح، وقصد القربة هو إرادة التقرب إلى الله تعالى بتحبيس الرقبة، وهذا هو المقصود هنا، فظهر لك أن الحال في الصرائح مطردة في أنها لا تفتقر إلى نية؛ لأن قصد القربة هنا هو أمر خارج عن النية التي تحتاج إليها الكناية ولا يحتاج في الصريح إليها.
[٢] الأصل عدمه.