(فصل): في حكم ما يشترى بالمغصوب وما تملك به العين المغصوبة وحكم غلتها
  (و) إذا راضى الغاصبُ المالكَ فإنه (يطيب له) الشيء المستهلك (بعد المراضاة(١)) لمالكه، فلو تصرف قبل المراضاة ببيع أو هبة أو نحو ذلك لم ينفذ
(١) باللفظ، أو دفع القيمة، أو بالحكم [بالملك. (هداية) (é)].
(*) فائدة في خبر الشاة: روي عن النبي ÷ أنه زار قوماً من الأنصار في دارهم فذبحوا له شاة فصنعوا له منها طعاماً، فأخذ من اللحم شيئاً ليأكله فمضغه ساعة فلم يسغه، فقال ÷: «ما شأن هذا اللحم؟» وروي أنه قال: «إنها ذبحت من غير حق» فقالوا: طلبنا شاة فلم نجد في السوق، وهذه شاة لبعض جيراننا، فذبحناها ونحن نرضيه من ثمنها، فقال ÷: «أطعموها الأسارى». فدل هذا الخبر على أن الشاة لما ذبحت وطبخت انقطع حق صاحبها منها، فلولا ذلك لما أمر النبي ÷ بإطعامها الأسارى. (غيث بلفظه). وخبر الشاة قد دل على أحكام تسعة: أنه يستحب للأفضل زيارة من دونه، وأنه يستحب إكرام الضيف[١] من غير تكلف[٢]، وأنه لا يجوز أخذ مال الغير بنية الضمان، وأنه ÷ لا يعلم الحرام ابتداء إذا ما قبضه، وأنه لا يدخل بطنه الحرام[٣]، وأن الاستهلاك الحكمي يزيل الملك؛ لأنه أطعمها الأسارى لما خشي فساد لحمها - وقال المؤيد بالله: إنما أطعمهم اللحم لأنه خشي فساده، ولم يمكن بيعه ولا حفظه بوجه، وذلك يثبت في مال الغائب - وأنه يستحب للقدوة اجتناب ما يوهم أو يغري على فعل القبيح؛ لأنه ÷ أطعم اللحم الأسارى مع كونه يحل له ولأصحابه، لكنه تركه لئلا يغري على مثل ذلك الفعل، وأنه يجوز صرف المظلمة في أسارى الكفار[٤]، وأنه ينبغي التصدق بمال الغائب[٥] إذا خشي فساده ولم يمكن بيعه ولا قرضه من أمين، ولا يجب ضمانه±[٦]، خلاف أبي جعفر. (بيان من كتاب الغصب).
=
[١] إكرام الزائر مأخوذ من غير هذا؛ لأنا لم نحتج بفعلهم. (رياض).
[٢] لقوله ÷: «لا تكلفوا للضيف فتبغضوهم، فإن من أبغض الضيف أبغضه الله تعالى». (بستان).
[٣] إن قيل: فقد أكل ÷ من اللحم المسموم الذي سمته الخيبرية وقال ÷ عند موته: «ما زالت أكلة خيبر تعاودني، والآن قطعت أبهري». (رياض). ولعل الجواب: لا يدخل بطنه الحرام بالغصب لا بغيره، والله أعلم. (مفتي، وسحولي). والأبهر: عرق تحت الرئة. وقيل: الأكحل.
[٤] وذلك لأن إطعام الأسير من بيت المال، وهذا منه.
[٥] لمن هو في يده أو الحاكم. (é).
[*] هذا الحكم يؤخذ إن قلنا: إن ذلك ليس باستهلاك كما قال المؤيد بالله. (رياض).
[٦] إذا صادقه± المالك في خشية الفساد، أو أقام البينة على ذلك وحكم بها، وإلا حلف المالك [وتكون يمينه على العلم؛ لأنها على فعل الغير] وضمنه له في الظاهر. وقال أبو جعفر: إنما يجوز له فعل ذلك بشرط الضمان كما إذا تصدق باللقطة. (بستان بلفظه).