(فصل): [في حكم المدعى عليه إذا ثبت عليه دين أو عين فادعى فيه أمرا آخر]
  الغائب باسمه، فإن لم يسمه بل قال: لرجل غائب، وشهد الشهود أن رجلاً أودعه أو أجَّره لا يعرفونه - فذكر أبو± جعفر أن الدعوى تنصرف عنه(١)، وحكاه عن أبي حنيفة، وهو الذي في الأزهار؛ لأنه دخل في قوله: «وكونه لغير المدعي». وقال محمد: لا تنصرف عنه الدعوى حتى يعرف المقر له(٢).
  فإن أقام المدعي(٣) البينة(٤) أنه له فإن الحاكم ينتزعه(٥) من يد المدعى عليه، ويوقف(٦) حتى يحضر(٧) الغائب أو يوكل وكيلاً، قيل: وغاية مدة وقف ذلك
(١) ويكون لبيت المال إن لم يبين المدعي.
(٢) هذا آخر كلام محمد، وما بعده لأهل المذهب.
(٣) أي: الأول.
(٤) وتكون إلى± وجه المدعى عليه. (بيان، وكواكب).
(٥) وهذه فائدة الدعوى والبينة، ولا يحكم للمدعي نافذاً؛ إذ ليس حكما مجرداً على غائب؛ لجواز أن يقدم فيرد؛ ولذا قال [في الفتح]: ثم إذا قدم ذلك الغائب وقبل مُكِّن من نقض لما قد فعل من الدعوى وإقامة البينة وتعديلها وحكمٍ بوقوع ذلك، فإن أتى بما يرفع ما قد فُعِل فذاك، وإلا ينقضه بشيء يصح للحاكم حُكِمَ عليه - أي: على المقَر له - حكماً نافذاً منبرماً مستقراً، وهو الحكم المعتبر الذي تقطع به الخصومات، وأما الحكم الأول فإنما يكون لتقريرِ الدعوى وإقامةِ البينة عليها وتعديلِ الشهود، ثم ينتزع من يد المقر ويعدل، ثم إذا قدم وعجز قررت تلك وحكم بها، ولم يحتج إلى إعادتها كما قيل في الغائب[١]، هكذا المراد، فافهم هذه المسألة. (شرح فتح بلفظه).
(٦) وإنما لم يحكم على الغائب ببينة المدعي مع أنا نقول بصحة الحكم على الغائب؛ لأن الشيء المدعى لم يثبت لنا أن الغائب يدعيه، ولأنه قد ينكر قول المدعي له، فلم يكن بد من معرفة كلامه إن قبل الإقرار فالحكم عليه، وإن رده فالحكم على بيت المال، ولا يصح إلا بعد النصب عنه. (رياض) (é).
(٧) وإنما لم ينصب عن الغائب هنا لأنه غير مدعى عليه، وإنما المدعى عليه المقر. (بحر).
[١] يعني: في أنه لا يحتاج إلى إعادة دعوى ولا بينة، وأما الحكم ففي الغائب الحكم صحيح حقيقي، ولذا لا يجرح إلا بمجمع عليه، لا هنا فليس بنافذ كما تقدم. (من حاشية على الفتح).