(فصل): في حكم الرجوع عن الشهادة وما يتعلق بذلك
  الحكم والعدالة (بطلت(١)) تلك الشهادة، إذا وقع الرجوع عنها (قبل الحكم(٢)) بها (مطلقاً) أي: سواء كانت في الحقوق أم في الحدود.
  فإن لم يكونوا شهدوا عند حاكم عدل، أو لم يرجعوا عند حاكم عدل(٣) - لم يصح رجوعهم(٤)، فلا تصح دعوى كونهم قد رجعوا.
  فإن قلت: فلو تواتر إلى الحاكم أنهم قد رجعوا في غير مجلسه هل له أن يحكم بشهادتهم بعد ذلك أم لا؟ فإن قلت: «لا يحكم» نقضت قولك: لا حكم لرجوعهم في غير محضر الحاكم، وإن قلت: «يحكم» فكيف يحكم بشهادة من أقر على نفسه بالكذب؟
  قال مولانا #: ± لا إشكال أنه لا يحكم(٥) بشهادتهم إذا صح له أنهم قد رجعوا
(١) يعني: فلا± يحكم بها؛ لأنه يحتمل أن يكونوا صادقين في الشهادة كاذبين في الرجوع، ويحتمل أن يكونوا كاذبين في الشهادة صادقين في الرجوع، فحصل الشك؛ فلهذا لم يجز الحكم بشهادتهم لما ذكرناه. قال الإمام يحيى #: فأما لو قالوا للحاكم: «توقف في الحكم حتى نتثبت في الشهادة» ثم عادوا وقالوا: «قد تقررت شهادتنا» فيحتمل أن لا يحكم بها؛ لحصول الشك في صدقهم، ويحتمل أن يجوز¹؛ لأنهم لم يرجعوا عنها، بل تحققوا الشهادة من أنفسهم. وهذا هو المختار. (بستان).
(*) فلو حكم الحاكم قبل علمه برجوعهم نقض الحكم±. (بيان بلفظه) (é).
(٢) وقد قال أبو مضر: إن من رجع قبل الحكم أعلم الحاكم لئلا يحكم، ومن رجع بعده كتم أمره تستراً، وضمن°. (بيان). وعليه التوبة± سراً؛ لقوله ÷: «من أتى شيئاً من هذه القاذورات فليستتر بستر الله تعالى». (زهور).
(٣) فلو كانت شهادتهم إلى غير حاكم، فقبل شهادتهم وألزم المشهود عليه الحق، ثم رجعوا - فإنهم لا يضمنون¹ حيث الحق مختلف¶ فيه[١]، بل يضمن الذي أوجب الحق؛ لأنه متعد، سواء رجعوا أو لم يرجعوا، وكذلك المحكوم له، وإن كان الحق مجمعاً عليه فلا ضمان؛ إلا أن يرجعوا ضمنوا. (كواكب). بل لا فرق±. (é).
(٤) أي: لا يضمنون.
(٥) هذا الجواب لا يدفع السؤال، ذكر معناه في الوابل. اهـ لأن قصد المؤلف لما لا يحتمله المنطوق والمفهوم صريحاً فيه ما فيه. (شرح بهران).
[١] والمختار أنه لا فرق±؛ لأن ليس منهم إلجاء شرعي.