(فصل): في حكم الرجوع عن الشهادة وما يتعلق بذلك
  ومن رجع معه(١) من الزائد على نصابها وإن كثروا، وسواء رجعوا دفعة أو دفعات، فإن انخرم اثنان ضمنا هما ومن رجع معهما النصف، ثم كذلك لو انخرم ثالث.
  وعلى هذا لو شهد بالمال ثلاثة ثم رجع أحدهم فلا شيء عليه، فإن رجع معه ثان ضمنا النصف، فإن رجع الثالث صار الضمان أثلاثاً±.
  وقال الفقيه يحيى البحيبح(٢)، وأشار إليه القاضي زيد في الشرح وأبو طالب لمذهب الهادي #: إنهم يضمنون في حد الزنا على قدر ما انخرم من نصاب الشهادة حتى لا يبقى إلا واحد، ثم على الرؤوس.
  قال: وأما فيما عدا ذلك(٣) فعلى الرؤوس من أول وهلة، وقد أشار مولانا # إلى هذا القول بقوله: (قيل): وإنما يكون الضمان على قدر الانخرام (في الحدود حتى يبقى) شاهد (واحد(٤)، ثم) يصير الضمان (على الرؤوس، وفي المال) يكون الضمان (على الرؤوس(٥) مطلقاً) أي: من أول(٦) وهلة.
(١) ولو بعد موته فإنه¹ يكون الضمان من تركته.
(٢) والفقيه حسن.
(٣) بعد الانخرام.
(٤) وفائدة الخلاف في صور، منها: ثلاثة شهدوا بمال ثم حكم الحاكم به، ثم رجع اثنان عن الشهادة، فعلى القول الأول يضمنان± نصف المال على قدر ما انخرم من نصاب الشهادة، وعلى القول الثاني يضمنان ثلثي المال على الرؤوس. (غيث لفظاً). فإن رجع من شهود الزنا مثلاً أربعة، وهم ستة، فعليهم نصف± وفاقاً، ومتى رجع خمسة فعندنا ثلاثة± أرباع، وعند الفقيه يحيى البحيبح خمسة أسداس.
(٥) ووجه الفرق بينهما [أي: بين ضمان الزنا وضمان المال]: أن شهود الزنا أربعة، فإذا رجع واحد أو اثنان فقد بقي من يثبت به الحق في حال، وهو شاهدان، فلم يجب الضمان على الرؤوس، بخلاف غير الزنا فإن شهادته اثنان، فإذا رجع واحد منهما لم يبق من الشهود من يثبت به الحق في حال، فكان الضمان على الرؤوس من أول وهلة. وهذا الفرق ضعيف؛ لأنه إذا بقي من الشهود ما يثبت به الحق لم يقتض أنه يكون الضمان على قدر الانخرام، وما الجامع بينهما؟ وقد أشرنا إلى ضعف هذا القول بقولنا: «قيل». (غيث).
(٦) يعني: بعد± انتقاص نصابها على المذهب.