(باب والكفالة)
  وقال أبو حنيفة: إذا مات معسراً لم تصح الضمانة عنه؛ لأن المطالبة قد سقطت، فالضمان لا يصح(١).
= إذا لقي أبا قتادة قال: «ما صنعت بالدينارين؟» حتى كان آخر ذلك قال: قضيتهما. فقال ÷: «الآن بردت عليه جلدته» [وقيل: «مضجعه». (ديباج)] وامتنع ÷ في قصة أخرى حتى ضمن علي # على الميت. وقد روي أنه قال ÷: «صلوا على صاحبكم» حتى ضمن أبو قتادة، وقد دل الخبر على فوائد، وهي: أن كفالة التبرع جائزة، وتصح عن الميت الفقير؛ لأن الظاهر أنه كان معدماً، وأنه لا يعتبر حضور المكفول له، ولا رضاه، ولا قبوله؛ لأنه لم يرو أنه كان حاضراً، وأن الضامن لا يرجع على من ضمن عليه بغير أمره؛ إذ لو كان كذلك لم تخلص ذمة الميت، وأن الحق لا يتحول إلى ذمة الكفيل ويبرأ المكفول عنه - خلاف الفنون - لأنه قال ÷: «الآن بردت عليه جلدته». وهذا الحديث يرد عليه سؤال، وهو أن يقال: هل كان هذا الميت عازماً على القضاء فالصلاة عليه جائزة، بل واجبة، فلم امتنع ÷؟ وإن كان غير عازم على القضاء فالصلاة عليه غير جائزة، فلم قال ÷: «صلوا على صاحبكم»؟ والضمان لا يبيح الصلاة. والجواب من وجوه: الأول: أنه كان عازماً على القضاء، وإنما امتنع ÷ حثاً للناس على الاهتمام بأمر الدين، فأمر ÷ بالصلاة عليه لأنه يستحق الصلاة عليه. الجواب الثاني: أنه كان غير عازم على القضاء، لكن مثل ذلك لا يكون فسقاً؛ لأنه يحتمل أنه يسير، أو يكون ذلك دليلاً على مذهب الفقهاء أن الصلاة مشروعة على الفاسق، وامتناعه ÷ زجر عن التغافل. الثالث: أن هذا منسوخ؛ لأن بعد هذا كان يجب عليه ÷ قضاء دين من كان معدماً، وفي الانتصار: كان ÷ يمتنع من الصلاة على من كان عليه دين، فلما فتح الله الفتوح قال: «من خلف مالاً فلأهله، ومن ترك كَلًّا أو عيالاً فإلي». (غيث). والكَلّ: هو الحمل الثقيل.
(*) فائدة: من كان له دين على ميت معسر فله أن يمنع من أن يقبر إلى أن ييأس من الضمانة عليه. (منقولة). وقال الفقيه حسن: ± ليس له ذلك. اهـ وهو المختار. (سماع سيدنا حسن ¦).
(١) قلنا: المقصود به باق في الذمة. (سماع).