(باب الصلح)
  عشرة فأنكره، فصالحه المتوسطون على خمسة أو أقل أو أكثر، فإن المدعى عليه إذا دفع المال إلى المدعي لا يحل له±.
  وتحصيل الكلام في ذلك: أن المدعي لا يخلو: إما أن يكون صادقاً في دعواه أو كاذباً، إن كان كاذباً لم يحل له±(١) ما أخذ عندنا، خلاف أبي حنيفة(٢)، فقال: يحل(٣)، وإذا(٤) استحق الشيء المصالح عنه(٥) رجع عليه بما أخذ، أو بالبعض إن استحق البعض.
(*) فإن قيل: لم قالوا هنا يحرم على الإنكار وقالوا في آداب القاضي: يندب للقاضي الحث على الصلح ما لم يتبين له الحق؟ فالجواب من وجهين: الأول: أن المراد هنا لا يحل أخذ المال، والمراد هناك: أنه يستحب للمتوسط الخوض في الصلح. قال الفقيه محمد بن سليمان: يجوز للمتوسط الخوض في الصلح إذا كان تركه يؤدي إلى منكر أعظم منه. الوجه الثاني: أن المراد هنا أن الصلح لا ينعقد، بل للخصم الرجوع فيما صالح به، والمراد في آداب القاضي أن الدخول في الصلح جائز. قلت: والأقرب عندي في الجواب: أن الصلح الذي يندب للقاضي هو حثهما على التصادق، وبعده يطلب من صاحب الحق التسامح لصاحبه وعدم التضييق عليه، مع طيبة من نفسه، لا على جهة الإكراه، والصلح الذي حرم هنا ما وقع قبل التصادق تفادياً للخصومة، فهذا أقرب إلى تقرير القواعد من الجوابين الأولين. (غيث).
(*) مسألة: ±والقول لمنكر الصلح؛ إذ الأصل عدمه، ولمدعي كونه على الإنكار لا عن العين؛ إذ الأصل عدم استحقاقها. (بحر).
(١) فيما بينه وبين الله.
(٢) ومالك. (بيان).
(٣) لأنه في مقابلة واجب، وهو إجابة الدعوى والمرافعة إلى الحاكم. (بيان).
(*) وكلامه مبني على أصلين: أحدهما: أن الحكم في الظاهر حكم في الباطن. الثاني: أن إجابة الدعوى تجب ولو كان الحق باطلاً.
(٤) هذا تفريع على كلام أبي حنيفة.
(٥) صوابه: المصالح به.