(باب والقضاء)
  في اللغة(١): هو الإحكام(٢) والإتقان(٣)، والحتم والإلزام(٤)، قال تعالى {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ}[سبأ ١٤] أي: ألزمناه وحتمنا به.
  والأصل فيه: الكتاب والسنة والإجماع.
  أما الكتاب فقوله تعالى لنبيئه داود #: {فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ(٥) بِالْحَقِّ}[ص ٢٥] وقوله تعالى: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}[النساء].
  وأما السنة فقول النبي ÷ وفعله، أما قوله فقال ÷: «القضاة ثلاثة»(٦) الخبر(٧).
(١) وأما في الشريعة فالقضاء: ولاية تقتضي التصرف لقطع الشجار بين المتخاصمين وما يتصل بذلك على حد لا يصح أن يكون لغير صاحبها ولاية على من هي عليه. ويسمى القاضي قاضياً لأنه يأمر الخصمين أو أحدهما بما يصح له في أمرهما. ويسمى حاكماً لأنه يحكم بمنع الظالم من المظلوم. والحكم لغة: المنع، ومنه حكم الدابة؛ لأنه يمنعها من الوقوع في المهالك. (ديباج).
(٢) قال تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ}[فصلت ٩٢] أي: أحكمهن. والإتقان كقوله تعالى: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ}[طه: ٧٢]. (بحر). أي: ما أنت متقن وصانع. (شرح بحر).
(٣) عطف تفسيري.
(٤) والهلاك، كقوله تعالى: {يَالَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ ٢٧}[الحاقة]. (بحر). أي: الموت، وتقول العرب: قضى فلان، إذا مات.
(٥) والقضاء من أعظم القرب عند الله، وهو من فروض الكفايات، وهو أفضل من الجهاد، وإنما كان أفضل من الجهاد قال الإمام يحيى: لأنه لحفظ الموجود، والجهاد لطلب الزيادة، حيث الجهاد بالغزو إلى ديار الكفار، لا إن كان دفاعاً فهو لحفظ النفوس والأموال، قال ÷: «ليوم واحد من حاكم عادل أفضل من عبادة ستين سنة». (ديباج). ولفظ البيان: «لأجر حاكم عدل يوماً أفضل من أجر رجل يصلي في بيته سبعين سنة».
(٦) وعليه قول الشاعر:
إذا خان الأمير وكاتباه ... وقاضي الأرض داهن في القضاء
فويل ثم ويل ثم ويل ... لقاضي الأرض من قاضي السماء
(٧) وهو ما روي عن علي # قال: (القضاة ثلاثة: قاضيان في النار، وقاض في الجنة، فأما الذي في الجنة فرجل علم بالحق وقضى به فهو من أهل الجنة، ورجل عرف الحق وجار في =