(باب والقضاء)
  وأنها غير متكاملة فيه.
  (ويندب ويكره ويباح ما بين ذلك) أي: ما بين الواجب والمحظور.
  أما المندوب فله صورتان: إحداهما: أن يثق من نفسه بالعلم والعمل، وغيرُه يقوم مقامه في الواجب، لكن فيه زيادة استظهار في الأمور(١).
  الثانية: إذا كان خامل الذكر، فيطلب إظهار علمه لينتفع به الناس.
  وأما المكروه: فإذا وثق من نفسه بالعلم والعمل وثم من يقوم مقامه. وتزداد الكراهة إذا كان مشتغلاً بالتدريس(٢).
  وأما المباح: فهو حيث يثق من نفسه بالعلم والعمل وغيره يقوم مقامه(٣)، وهو فقير، فيدخل لطلب ا¹لرزق(٤).
  قال #: هكذا ذكره بعض أصحابنا، وإليه أشرنا بقولنا: (حسب الحال) أي: بحسب ما يقترن به من الأمور التي تقتضي الندب والكراهة والإباحة.
  قال #: ولنا على ذلك كله تنظير، وهو أن يقال: إن القضاء من فروض الكفايات، فمن دخل فيه وغيره يقوم مقامه فقد فعل واجباً، فكيف يكون في
(١) كأن يكون من أهل الجهة.
(٢) أو الجهاد.
(٣) وذلك لأنه لا يأمن على نفسه من الخطر، ولهذا امتنع ابن عمر حين طلبه عثمان القضاء، وكذلك أبو ذر لما طلب القضاء هرب، فقيل له: لو وليت القضاء وقضيت بالحق، فقال: من يقع في البحر إلى كم يسبح؟! (بستان).
(٤) وفي التكملة: يحرم الدخول في القضاء لطلب الرزق، إذ هو من طلب الدنيا بالدين، وقد قال ÷: «من تعلم علماً مما يُبتغى به وجه الله تعالى لا يتعلمه إلا ليصيب عرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة» يعني: ريحها، والمراد عدم دخولها؛ إذ من دخلها وجد عرفها، وهذا من الكناية، ونحو ذلك كثير، وهو يحتمل التوجيه بأن الذم في حق من طلبه لطلب مذموم الدنيا، لا في حق من طلبه لما لا بد له منه من القوام، كما هو المراد لهم فلا؛ إذ هو مما يثاب عليه، فكان من مهمات الدين، والله أعلم. (محيرسي).