(باب والقضاء)
  ولا بد أن يكون جيد التمييز، بحيث يكون معه من الذكاء وصفاء الذهن ما يفرق به بين الدعوى الصحيحة(١) والفاسدة، ويمكنه استخراج الحوادث من أصولها(٢).
  ولا بد أن يكون صليباً(٣) في أمر الله تعالى؛ بحيث يستوي عنده الشريف والدنيء، ويبعد عن المحاباة في حكمه.
  (و) السادس: أن يكون معه (ولاية من إمام حق أو محتسب(٤)) فلا يصح
= من معرفة عدالته بالخبرة أو نحوها، ولا يغتفر± في حقه ما يغتفر في حق الشاهد كما سبق، نحو فسق التأويل وكفر التأويل، بل لا بد من الورع. (لفظاً).
(١) ومن ذلك قصة علي # مع صاحبي الأرغفة، وهو أنه كان لأحدهما ثلاثة وللآخر خمسة، فأكل معهما ثالث ودفع لهما ثمانية دراهم عوضاً عما أكل، فقال صاحب الخمسة: إن له خمسة دراهم ولصاحب الثلاثة ثلاثة دراهم، فقال صاحب الثلاثة: بل لك أربعة دراهم ونصف ولي ثلاثة ونصف، فقال علي #: (خذ ما رضي به صاحبك وهو الثلاثة فإن ذلك خير لك) فقال: لا رضيت إلا بمر الحق، فقال علي #: (ليس لك بمر الحق إلا درهم واحد) إلى آخر القصة. (فتح غفار). ووجه قول علي #: أنك تبسط الثمانية الأرغفة بأربعة وعشرين ثلثاً، فأكل كل واحد منهم ثلثها ثمانية أثلاث، فصح مع صاحب الثلاثة الأرغفة ثمانية أثلاث، وبقي له ثلث رغيف، وصاحب الخمسة أكل ثمانية أثلاث، وبقي له سبعة أثلاث، فاقسم الثمانية الدراهم على الزائد على ما أكلاه، فلصاحب الخمسة سبعة دراهم، ولصاحب الثلاثة درهم واحد.
(٢) الكتاب والسنة والإجماع والقياس. (بيان بلفظه).
(٣) ولا يكون جباراً شديداً بحيث يهابه الخصم فلا يستوفي حقه، ولا هيناً ضعيفاً بحيث تجترئ عليه الخصوم ويطمعون فيه، فيغلب القوي منهم الضعيف. (بيان). ولهذا قال بعض السلف: إنا وجدنا هذا الأمر لا يصلحه إلا شدة من غير عنف، ولين من غير ضعف. (زهور).
(٤) قال في التمهيد في حد الحسبة: «هي القيام ممن لا يبلغ درجة الإمامة بالجهاد وغيره من مصالح المسلمين»، وشروطه أربعة: عقل وافر، وورع كامل، وجودة رأي مع حسن تدبير، والعلم بقبح ما نهى عنه وحسن ما أمر به أو وجوبه. قال المنصور بالله: بهذه
=