(فصل): [شروط وجوب الصلاة]
  خمسة: ثلاثة تعم الذكر والأنثى، واثنان يخصان الأنثى.
  فالأول من الثلاثة قوله: (باحتلام(١)) يقع معه إنزال المني، والعبرة بإنزال
(*) قيل: لم جعلت البلوغ شرطاً مستقلاً وقد دخل تحت العقل، فإن علوم العقل لا تكمل إلا للبالغ؟ والجواب: أن الأمر كما ذكرت، لكن أفردناه لنتوصل إلى تبيين علامات البلوغ. (غيث).
بقي السؤال: لو كملت علوم العقل لمن لم يحصل فيه إحدى هذه الأمارات هل يكلف بالصلاة وغيرها؟ الجواب: أن الناس في جواب هذا السؤال على ثلاث فرق: الفرقة الأولى أجابت بمنع هذا التقدير، وزعمت أن الشرع قد دل على أن من لم يحصل فيه أحد هذه العلامات فإن علوم العقل لم تكمل له؛ لإخبار الشارع بأن القلم مرفوع عنه، فدل أن حكمه حكم المجنون لعدم كمال العقل. الفرقة الثانية±: صححت هذا التقدير، وجعلته حينئذ مكلفاً بالتكاليف العقلية دون الشرعية، وهؤلاء هم المعتزلة. الفرقة الثالثة: جعلوه مكلفاً بالعقليات والشرعيات، وهم أحمد بن حنبل ومن تابعه. (غيث باختصار). واختار هذا القول الثالث الأخير السيد أحمد الشرفي، ورواه أنه مذهب الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد #، ولفظه في ضياء ذوي الأبصار بعد ذكره لعلامات البلوغ الشرعي قوله: والأقرب عندي أنها أمارات لتمام العقل والقدرة على الشرعيات، فإن تم العقل وحصلت القدرة على الشرعيات ولم تحصل أي هذه العلامات صار مكلفاً بما قدر عليه، يدل على ذلك ما رواه في مجموع زيد بن علي #: «إذا بلغ الغلام اثنتي عشرة سنة جرى عليه وله فيما بينه وبين الله تعالى، فإذا طلعت العانة وجبت عليه الحدود»، وما رواه الهادي # في الأحكام عن النبي ÷ أنه قال: «إذا أطاق الغلام صيام ثلاثة أيام وجب عليه الصوم»، وما رواه الأسيوطي في الجامع الكبير عن ابن عباس عن النبي ÷: قال: «تجب الصلاة على الغلام إذا عقل، والصوم إذا أطاق، والحدود والشهادة إذا احتلم»، وهذا هو الذي ذهب إليه إمام زماننا المنصور بالله القاسم بن محمد # في الاعتصام. (من ضياء ذوي الأبصار)، وأهل المذهب لهم أدلة غير هذه حسب ما ذكروها.
(١) إن قيل: إن كلام الإمام # ظاهره مثل كلام المنصور بالله، حيث قال: باحتلام. قلت: أراد الإمام # بقوله: «باحتلام» مطابقة الآية، وهي قوله تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ}[النور ٥٩] وقوله ÷: «لا يتم بعد احتلام».