(فصل): في بيان ما أمره إلى الأئمة دون الآحاد
  تعالى لنبيه ÷: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}[آل عمران ١٥٩](١). وقد اختلف في وجوب ذلك، فقيل: يجب(٢)؛ لظاهر¹ الأمر. وقيل: يندب(٣) ولا يجب، وإنما هو
= وأمركم شورى بينكم؛ فظهر الأرض خير لكم من بطنها، وإذا كان أمراؤكم شرراكم، وأغنياؤكم بخلاءكم، وأمركم إلى نسائكم؛ فبطن الأرض خير لكم من ظهرها».
(*) كلاً بما يليق به، ولذلك أن الله تعالى أمر رسوله ÷ بها، بل استشار جل وعلا ملائكته الكرام في خلق آدم # مع علمه بما يكون وغنيته، ما ذاك إلا للمبالغة في شرعية الاستشارة، فإنه قد يقع في قلب القاصر من الآراء الصائبة[١] ما لم يقع في قلب الكامل. ثم إن المتصدر لذلك - كالإمام - والمتهيء لما هنالك ربما يغفل عن الأمور وترجيح الأسباب، إما لاشتغال بغيرها أو عدم العلم بها، وكان وزيره بخلاف ذلك. (شرح فتح).
(*) فائدة: قال أبو علي: يجب على الإمام أن يتعهد العالم والمتعلم، ويرزقهما من بيت المال؛ ليتفرغا للتعليم والتعلم، كما أمر الله تعالى نبيه ÷ في قوله: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً ...} الآية [التوبة ١٢٢]، فإن لم يفعل الإمام أثم، وهو أولى من الجهاد، كما قال ÷: «لولا العلماء لما عبد الله تبارك وتعالى». (لمعة).
(*) قلت: ويشترط في المستشار ثلاث خصال: المودة الخالصة، والعقل الوافر، والمعرفة بحال المستشير، وقد أشار إلى ذلك الشاعر بقوله:
خصائص من تشاوره ثلاث ... فخذ منها لنفسك بالوثيقه
وداد خالص ووفور عقل ... ومعرفة بحالك في الحقيقه
(١) وقول علي #: (لا خير في أمر لا يصدر عن مشورة). (بحر).
(٢) فيما لنظرهم فيه مجال.
(٣) فيما ليس لنظرهم فيه مجال.
[١] قال الشاعر:
شاور صديقك في الخفي المشكل ... واقبل نصيحة ناصح متفضل
فالله قد أوصى بذاك نبيه ... في قوله شاورهم وتوكل
وقال الشاعر:
الرأي كالليل مسود جوانبه ... والليل لا ينجلي إلا بإصباح
فاضمم مصابيح آراء الرجال إلى ... مصباح رأيك تزدد ضوء مصباح