(فصل): في بيان ماهية الباغي وحكمه
  له) أي: لأجل التضمين (ما وضعوه من أموالهم في قربة) كصلة الرحم، وإطعام الجائع، وكسوة العريان(١)، ووقف أرض(٢) أو دار، أو عمارة مسجد، أو نحو ذلك، فإنهم إذا فعلوا ذلك وأنفقوا فيه مالاً هم يملكونه(٣) - لا من أموال الله تعالى - فإن ذلك المال وإن كان باقياً في يد من أعطوه لم يجز للإمام استرجاعه ونقض الهبة والصدقة ونحوهما لتضمين الواهب والمتصدق، ولو كان ذلك مستغرقاً لو صرف في قضاء المظالم؛ لأنه قد خرج عن ملكهم، وملكه الذي صار إليه ملكاً مستقراً، فلا وجه لإبطال ملكه.
  (أو) وضعوا شيئاً من أملاكهم في (مباح) كالهدايا والهبة للأغنياء، فليس للإمام نقضه (مطلقاً) أي: سواء كان باقياً أم تالفاً في يد المعطى.
  (أو) وضعوا شيئاً من أملاكهم في أمر (محظور) نحو أن يعطوا بَغِيَّة أجرتها أو مغنية أو زَمَّاراً أو رشوة على شهادة زور أو نحو ذلك فإن الإمام لا يضمنه القابض إذا أراد تضمينهم (وقد تلف(٤)) ذلك الشيء في يد من استعطاه؛ لأنه
(١) ولو منهم. (é).
(٢) حيث لم يكن شيء في ذمته من المظالم، فإن كان في ذمته شيء منها لم يصح وقفه؛ لأن الوقف مع المطالبة لا يصح، وهو مطالب في كل وقت. اهـ والمذهب أنه± يصح ولا ينقض، وهو ظاهر الأزهار.
(٣) أو من أموال الله تعالى وهي مما لا تتعين [كالدراهم والدنانير.] فلا تنقض. و (é).
(٤) والصحيح للمذهب ما صححه الفقيهان يحيى البحيبح ومحمد بن يحيى: أن للإمام التضمين مطلقاً، سواء كان المال باقياً في يد المعطى أم تالفاً؛ لأن الإباحة تبطل ببطلان عوضها، ويكون معنى قول أهل المذهب: «إن القابض لا يضمن ما أخذه في مقابلة المحظور بعد تلفه» أنه لا يضمنه للمالك، بل لبيت المال؛ لأن إباحته تبطل ببطلان عوضها. (شرح أثمار).
فرع: وما قتله البغاة من النفوس المعروفة أو أتلفوه من أموال المعروفين فإنهم يؤخذون به =