(فصل): في بيان حكم الرسل التي تأتي من الكفار والبغاة وحكم من وقع له أمان
  قتله في تلك الحال ولا إتمام أمانه، بل يرد إلى مأمنه قبل بلوغه مراده بالأمان (غالباً) احترازاً من أمان عقد بعد نهي الإمام(١) عن الأمان فإنه لا يرد مأمنه، بل يجوز قتله(٢).
= فقال: يا رسول الله، إنه لا بد لنا من أن نقول فيك ما هو كالكذب، فقال: «قولوا، فأنتم في حل من ذلك»، فاجتمع لقتله جماعة فيهم أبو نائلة، وكان رضيعاً لكعب، فقال له: ويحك يا ابن الأشرف، إني قد جئتك لحاجة أريد ذكرها لك فاكتمها عني، فقال: أَفْعَل، فقال أبو نائلة: كان قدوم هذا الرجل - يعني: رسول الله ÷ - علينا بلاء من البلاء: عادَتْنا العرب ورمونا عن قوس واحدة، وقطعت عنا السبل حتى ضاع العيال وجهدت الأنفس، وأصبحنا قد جهدنا وجهد عيالنا، فقال كعب بن الأشرف: أما والله لقد كنت أخبرك يا ابن مسلمة أن الأمر يصير إلى ما تقول ... إلى آخر القصة، وهو مبسوط في البحر وغيره، حتى إنه سار معهم إلى شعب العجوز، ثم إن أبا نائلة شام يده في فود[١] رأس كعب؛ إذ كان عروساً، وكرر ذلك، حتى قال أبو نائلة: اضربوا عدو الله، فقتلوه. (شرح فتح).
(١) وعلمه المؤَمِّن والمؤَمَّن. (بيان) و (é). وأما لو علم أحدهما دون الآخر فلا يقتل±، بل يرد مأمنه. (é).
(٢) قال في البحر: ولو جهل المؤمَّن، وقال في شرح الإبانة: لا بد من± علم المؤمن أيضاً، وهو قوي. وإذا قتله قاتل هل تلزم ديته على عاقلته؟ فيه نظر. (بيان). يحتمل وجوب ديته، ويحتمل عدمها±، ويأثم. (é).
(*) لأن في إتمام أمانه إعراض عن امتثال أمر الإمام، ونقض لحكمه، فيقتل ولا يرد مأمنه، ذكره أصحابنا. ولقائل أن يقول: المشرك حينئذ مغرور، وقد أوجبتم رده إلى مأمنه حيث يكون مغروراً؟ والجواب: أن الكافر مباح الدم، وإنما يحصنه أمان صحيح، والأمان بعد نهي الإمام غير صحيح، فيبقى دمه هدراً. وأمان الصغير وغير الممتنع منهم له حرمة لأجل الإسلام وعدم مخالفة الإمام؛ فأوجبنا أن يرد مأمنه رعاية لذمة المسلم الذي لم يخالف إمامه، ولم نوجب تمامه إلى مدته لنقصهم عن حال المكلف الممتنع.
[١] فَوْدَي الرأس: ناحيتيه، كل واحد منهما فَوْد. وقيل: الفَوْد: معظم شعر الرأس. (نهاية).