(فصل): في بيان ما يجوز فعله بملك الغير لإزالة المنكر
  وقوله: «لنقصه» احتراز من أن يذكره على جهة التعريف، نحو أن يقول: ذلك الأعور(١) أو الأعرج أو نحوهما، فإنه ليس بغيبة، ولا بأس فيه.
  وقوله: «بما لا ينقص دينه» احتراز من ذكره بما ينقص دينه فإنه ليس بغيبة؛ لأنه إذا كان ناقص الدين فهو غير محترم العرض(٢)؛ لقوله ÷: «لا غيبة لفاسق»، «اذكروا الفاسق(٣) بما فيه كيما يحذره الناس».
  فإن كانت تلك المعصية لا يقطع بكونها فسقاً: فإن كان مصراً عليها غير مقلع ولا مستتر من فعلها قال #: فالأقرب عندي أنه لا حرج± في ذكره
(١) ولا يمكن التعريف بغيره، وإلا حرم. و (é).
(٢) مطلقاً سواء كان مجاهراً أو¹ مستتراً، حيث كان يوجب الفسق.
(٣) قال في شرح الخمس المائة ما لفظه: وقد ذهب كثير من العلماء - وهو المختار للمذهب - إلى جواز غيبته مطلقاً، وهو مفهوم من الآية الكريمة، ويدل عليه أيضاً قوله تعالى: {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ ١٣}[القلم] في الوليد بن المغيرة، وسيأتي. وعن الحسن أنه ذكر الحجاج لعنه الله فقال: أخرج إلي بنانا قصيرة[١] قَلّ ما عَرِقَت فيها الأعنة في سبيل الله تعالى، ثم جعل يطبطب[٢] شُعَيْرات له ويقول: يا أبا سعيد، يا أبا سعيد. ولما مات قال: اللهم أنت أمَتَّهُ فاقطع سنته، فإنه أتانا أخيفش أعيمش ... إلخ[٣]، وقد وقع الاتفاق على جواز ذكر الفاسق بشيء من خصال الفسق لمصلحة، كالجرح والشكاية والرأي وزيادة الانزجار وغير ذلك، كما ذكره النووي. (منه باللفظ من شرح قوله: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا}[الحجرات ١٢]).
[١] أي: بخيلة.
[٢] يضرب بيده على كتفه.
[*] أي: يحرك شاربه.
[٣] الخفش: صغر في العينين وضعف في البصر خلقة. والأعيمش: هو الذي يبصر بالليل لا بالنهار. (ثمرات).
[*] تمامه: يخطر في مشيته ويصعد المنبر حتى تفوته الصلاة، فلا من الله اتقى ولا من الناس استحى، فوقه الله، وتحته مائة ألف أو يزيدون لا يقول له قائل: الصلاة أيها الرجل الصلاة أيها الرجل.