(فصل): في حكم معاونة الظلمة والفساق
  (مهما وقف على الرأي(١)) أي: على رأي المعينين له من المؤمنين (ولم يؤد) ذلك (إلى قوة ظلمه) بأن يستظهر على الرعية بتلك الإعانة، وتمتد يده في قبض ما لا يستحقه(٢) من الواجبات.
  (ويجوز) للمسلم (إطعام الفاسق(٣) و) يجوز أيضاً
(١) يعني: على الرأي الذي أعانوه فيه فقط.
(٢) قال في الغيث بعد كلام طويل: فصارت هذه وجوهاً ثلاثة، وهي أن يعينوه على أخذ الأعشار ونحوها فلا يجوز، وعلى دفع الأكثر فقط فيجب، والثالث: أن يقصدوا معاونته على دفع الأكثر؛ لكن عرفوا أنهم إذا أعانوه على ذلك إزداد ظلماً - فقيل[١]: ينظر في الزيادة: فإن بلغت مثل ظلم المعان عليه أو فوقه لم تجز المعاونة، وإن بلغت دونه جاز[٢]؛ لأنه دفع منكر بما هو دونه، قلت: وقد تضمن لفظ الأزهار هذه المعاني كلها فتأمله تجد بياناً شافياً. (غيث بلفظه).
(٣) وقد ذكر المنصور بالله في حديقة الحكمة في قوله ÷: «ولا تمنعوا الموجود فيقل خيركم» ما لفظه: فإن اكتساب الخير، ومتاجرة الرب، والإحسان إلى المؤمنين خاصة وسائر الخلق عامة - من أخلاق الأنبياء $ وسيرة الأوصياء، ومتاجر الثواب الربيحة، وطرق الحق الفسيحة، فلا ينبغي لمسلم أن يضيع نصيبه من هذا الخير لغيره. انتهى ويلزم أن لا يحسن، وقد قال في البحر في صدقة النفل: وتحسن في الفاسق والذمي والحربي؛ لقوله ÷: «وإلى غير أهله» وقد قال تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ ...} الآية [الممتحنة ٨]. أي: لا ينهاكم عن مبرة هؤلاء، وسبب ذلك مختلف فيه، قد روي أن قتيلة وفدت من مكة إلى ابنتها أسماء بنت أبي بكر بهدايا فلم تقبلها، ولم تأذن لها، فنزلت الآية، ذكره الحاكم في المستدرك. (من شرح تكملة الأحكام للمفتي ¦، من شرح فرع: ولا يقبح التكبر على ذوي التكبر والتجبر).
(*) وكذا الكفار±؛ لأن الله تعالى مدح من أطعم الأسارى[٣] من الكفار، وأمير المؤمنين # أمر بإطعام ابن ملجم لعنه الله بعد ضربه له، وقد أجاز الهادي # الوصية للذمي. (بيان).
=
[١] الفقيه يحيى البحيبح، وقوله هذا يخالف ما تقدم له، حيث قال: إذا اختلف محل المنكرين لم يحل الإنكار. (بيان).
[٢] وفي البيان ما± لفظه: فإن كان ذلك يؤدي إلى زيادة في ظلمه وقوته لم يجز مطلقاً، ذكره المؤيد بالله. (بلفظه).
[٣] يعني: بقوله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ٨}[الإنسان]. (بستان).