(حملته وأوعيته ورعاته)
  ورحم الله الشيخ محمد عبده شيخ الأزهر - في حينه - حينما طالعه فأسر عليه لُبَّه وحل ما بين قلبه وشغافه، ومدحه بأصناف المدائح على مواضعه المنوعة وفنونه المختلفة بالبلاغة التي عجزت عنها بلاغة كل بليغ، وهُصِرتْ(١) له الكلمات العربية يجني منها ما يحلو له بلا تكلف، قال:(٢) «وإن مُدبِّر تلك الدولة وباسل تلك الصولة هو حاملُ لوائها الغالب، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب». اهـ المراد.
  في هذا الكتاب المجمع عليه بين جميع آل بيت رسول الله ÷ سنداً ومتناً وعند كافة الناس إلا من شذ من الناصبة أو المارقة وهو أول من أسس قواعد علم التوحيد «نهج بلاغته» وعنه أخذ أولاده، منهم: محمد بن علي بن أبي طالب وعنه أخذ المعتزلة وغيرهم - كما بيّنه ابن أبي الحديد وأشار إليه - ويرسخ به يقينه ويثلج للحق صدره وتذعن للتسليم جوارحه.
  بما وعد الله أصفياءه وأحبابه من خلق آدم وخلق السماوات والأرض وصفات الحق تبارك وتعالى إلى غير ذلك.
  وهذا الإمام الأوحد # ممن وسمهم الشوكاني بالجهل وأنهم فعلوا محررات يخدعون الناس بها {قُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ ...} الآية [آل عمران: ٦١].
  ثم إن أمير المؤمنين من تلامذته ابن عباس، ومحمد بن الحنفية وهو شيخ ابنه [أبو هاشم] وهو شيخ علماء العدل والتوحيد.
  فعنه تحدر علم الاعتزال، علم العدل والتوحيد، كما قال ابن الأمير:
  كُلُّ عِلْمٍ فإِليْهِ مُسْنَدٌ ... سَنَداً عِنْدَ ذَوِي العِلْمِ عَلِيّاً
  ثم من أقطاب هذا العلم الزاهد التقي الورع، الذي كان لا يستجيب لسلطان جائر ولا يمدحه، أعني: عمرو بن عبيد وهو معدود في الزيدية والمعتزلة ¦،
(١) دُنيت له ليقطفها.
(٢) الشيخ محمد عبده.