(جواز وضوء الرجل بفضل وضوء المرأة)
  يغتسل بفضل ميمونة(١)، رواه مسلم في «الصحيح» عن إسحاق بن بكير بن إبراهيم وغيره. اهـ المراد. ج ١ ص ١٨٨.
  وفي الصفحة نفسها: عن ابن عباس قال: انتهى النبي ÷ إلى بعض أزواجه وقد فضل من غسلها فَضْل فأراد أن يتوضأ فقالت: يا رسول الله: إني اغتسلت منه من جنابة فقال: «إن الماء لا ينجس».
  ثم لا يخفاك أن حديث «الماء طهور لا يغيّره شيء» المروي عن عكرمة عن ابن عباس في «صحيح ابن حبان» وهو حديث صحيح، فالذي يترجح أن الماء القليل الذي وقعت فيه النجاسة، والكثير الذي وقعت فيه وغَيَّرت أوصافَه أو بعضَها يجبُ اجتنابُه؛ لأنه سيباشر النجاسة بمباشرته.
  وأما الماء الذي لم تغيّره نجاسة فهو باقٍ على حكمِ الأصلِ فيه الطهارة والطهورية.
  ومنع بعض العلماء من وضوء الرجل بفضل وضوء المرأة ومن ضوء المرأة بفضل وضوء الرجل واستدلوا بحديث (النهي عن وضوء الرجل بفضل وضوء المرأة وعن وضوء المرأة بفضل وضوء الرجل) وبحديث الحكم بن عمرو (أن النبي ÷ نهى أن يتوضأ الرجل بفضل وضوء المرأة)(٢) كما في «السنن»: يترجح أن النهي للكراهة إن فرضنا عدم تأخر في غسله بفضل غسل ميمونة؛ لأن النبي ÷ جاء بأحكام كلية وحقائق راسخة مثل قوله: «الماء طهور» ومثل هذا اللفظ لا يمكن نسخه؛ لأن نسخ الخبر يؤدي إلى كذبٍ وهو معصوم عنه ÷، ومثل قوله: «الماء لا يَجْنَبُ»، «الماء ليس فيه جنابة»، وإن فرضنا تأخر حديث ميمونة فهو ناسخ لتلك النواهي، رافع لحرج الكراهة.
  قال النووي في «المجموع شرح المهذب» ج ٢ ص ١٥٣ ما لفظه: احتج أصحابنا بحديث ميمونة، وأما حديث الحكم بن عمرو فأجاب أصحابنا عنه بأجوبة: أحدها:
(١) مسلم، مسند أحمد، ابن خزيمة، الدارقطني، المعجم الكبير، البيهقي، كنز العمال.
(٢) سنن أبي داود، سنن الترمذي، سنن النسائي.