الماء القليل والكثير
  وهذا من أغرب ما سمعت!
  فشراح الحديث لم يعوّلوا إلا على مفهوم العدد في القلتين، والاختلاف في تقديرها، وفي حكمها.
  وكأن القاضي اغتر بـ «إذا» مع أنها ليست بعريقةٍ في الشرط، هي موضوعة أصلاً ظرفاً مستغْرِقاً لما سيأتي من الزمان نحو: «إذا قام زيد قام عمرو» وقد تأتي للماضي نحو: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ}[الكهف: ٩٣] ولعدم عراقتها في الشرط فإنها لا تجزم إلا في الشعر لكنها تتضمن معنى الشرط فتقترن بالفاء نحو: {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْح}[النصر: ١] {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُوا}[المائدة: ٦]، {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ}[النحل: ٩٨].
  وإذا لم تقترن بالفاء فهي ظرف لا غير كما في حديث «القلتين».
  وأما مفهوم الحصر فهو الذي يفهم من إنما {إِنَّمَا اللّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ}[النساء: ١٧١]، أو إنْ وإلا نحو: {إِنْ أَنتَ إِلاَّ نَذِير}[فاطر: ٢٣].
  أو ما وإلا نحو:
  قَدْ عَلِمَتْ سَلْمَى وَجَارَاتُهَا ... مَا قَطَّرَ الفَارِسَ إلَّا أَنَا
  ومفهوم الحصر ومنطوقه في قوة الدلالة واحد فنحو: «لا إله إلا الله» إثبات الألوهية لله سبحانه، ونفيها عن غيره واحدٌ.
  نعم: هذا الذي يُعَيِّرُ الأئمة بعلم المناظرة وهو لمَّا يحقق ظواهر العربية فضلاً عن دقائقها وأسرار اللغة! يفخر عليهم والدنيا في اللطف! لا قوة إلا بالله!.
  وآخر كلامه في حديث «القلتين» يأكل أوله - كعادته! -
  وبحث الأمير الحسين # في القلتين وفي غيرهما وتفسيره لحمل الخبث كلام مستوفى، في غنى عن الزامل، فخذ حاجتك منه، ولا تجد - ولن تجد - في كلامه # لمزاً ولا نبزاً لأحد، فإصابة الحق مشترك والخطأ مشترك إلا من ضمهم الكساء.