الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

مجيء (إلا) بمعنى الواو

صفحة 214 - الجزء 1

  التروي⁣(⁣١)؛ ولهذا تجب فيه الكفارة، ولو كان مباحاً محضاً لما وجبت الكفارة. اهـ المراد.

  ابن الأنباري: قال ابن الأنباري في كتابه «الإنصاف في مسائل الخلاف» ج ١ ص ٢٣٠ مسألة رقم ٣٥ ما لفظه: ذهب الكوفيون إلى أن (إلّا) تكون بمعنى الواو، وذهب البصريون إلى أنها لا تكون. اهـ المراد. ثم أورد حجج الكوفيين من كتاب الله تعالى، ومن قول العرب، ثم أورد حجج البصريين، ومن عادة الأنباري أن يحكم في كل مسألة، ولقوة الخلاف في هذه المسألة لم يحكم، على أن ابن الأنباري بصري المذهب اهـ.

  ومع هؤلاء الأعلام، راسخي الأقدام، في العربية والأصول وغيرها ما وَزْن كلمة الشوكاني وإنكاره حين قال: «هذا الجواز من أين هل من اللغة أو الشرع وكلاهما ممنوع»؟!

  وقد بيّنا لك واتضح جلياً أن الحق مع الإمام # في: جَعْل «إلا» بمعنى العطف، وأن له وجهاً قوياً في العربية، وأن المجهِّل لنا قله هو الجاهل، ومع ثبوته فلا قبول للمنع والرفض. هذا من جهة اللغة.

  ومن جهة الشرع قال الإمام #: (لا حق له في قتله شرعاً) اهـ.

  فأنكره الشوكاني وعلق تعليقاً مذبذباً.

  ونحن نقول: الأصل في الدماء الحرمة إلا ما أحله الدليل، لا سيما دم المؤمن، ولو كان له حق في قتله خطأ لما وجب صيام شهرين متتابعين، ولما وجبت الدية؛ لأنه استوفى حقاً هو له، وليس هناك عقوبة على من استوفى حقاً هو له، ولو زعم أنه استوفى حقاً هو له لكان زعماً كاذباً.

  ثم قال الشوكاني: «وأما الترجيح الذي أشار إليه المصنف بأن الأخبار التي ذكرها أولى لكونها متفقاً عليها ولكثرة رواتها فالترجيح شأن التعارض - كما قد عرفناك - وما نحن بصدده ليس كذلك فإن استثناء مكة أو يوم الجمعة خاص يجب تقديمه على العام». اهـ المراد.


(١) ما وجبت الكفارة إلا لعدم التروي. تمت شيخنا.