الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

(عدم كراهة استقبال التماثيل فوق القامة)

صفحة 235 - الجزء 1

(عدم كراهة استقبال التماثيل فوق القامة)

  قال الإمام في سياق حديثه عن الصلاة في الأماكن التي فيها تماثيل: والمعتبر فيه عند علمائنا $ أن يكون من قامة المصلي فما دون، فإن كان فوق قامته لم يكره. ا هـ كلام الإمام.

  قال الشوكاني: «قوله: فإن كان فوق القامة لم يكره، أقول: هذا تخصيص بدون مخصص» ا هـ كلامه.

  أقول: العلة التي هي مدار الحكم إذا كانت معلومة لدى المخاطب وجب قَصْر الحكم عليها وإن عَدِم المخصِّصُ النطقي، ألا ترى أنه قال ÷ في غزوة بني قريظة: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة».

  ففَهِمَ بعضُهم أن الغرض الحثُّ والمبادرةُ لا: أن الصلاة لا تصح إلا هناك.

  فصلى بعضهم قبل بلوغه بني قريظة، وبعضهم لم يصلها إلا هناك.

  فأقرّ النبي ÷ جميعَهم على ذلك ولم يُنكر على أحد.

  وهاهنا العلة هي تشبيه الحيوان (التمثال) بالمعبود، ولن يكون تشبيهاً إلا مع المحاذاة والمقابلة، أما إذا كان تحت القدم أو مرتفعاً فوق القامة فلا يشبهه.

  وحينئذ فلا كراهة، وإلا بطلت صلاتُه في الحَرَم قبل إنزال الأصنام منها، ولم يقل بهذا أحد.

  وقريب مما قلناه ما في «البحر» ولفظه: وعلى حيوان كامل؛ لكسره ÷ الحمامة⁣(⁣١) في الكعبة ونحوه، إلا تحت القدم؛ إذ كان يقعد عليها أو أزيل رأسها؛ لقول جبريل #: «فلْيَقْطَع رأسَه» الخبر، الإمام يحيى: ولا فرق في الكراهة بين المموَّه وغيره، وإن كان


(١) تمثال حمامة.