مبدأ الأذان في ليلة الإسراء
  وهو التقرير لعبد الله بن زيد - على فرض صحة تسميته تقريراً - فرع لأصلٍ لم يثبت، ويسمى عند الأصوليين العارفين بالأصول مصادرة؛ لأنه يجعل نفس الدعوى برهاناً أو فرعاً من فروعها برهاناً.
  وهذا ما غَمَسَ في الشوكاني رأسه.
  وأغرب من هذا قول الشوكاني: «والتقرير منه ÷ للأذان كل يوم خمس مرات لعدة من المؤذنين» اهـ.
  أقول: هو بهذا يحاول أن يجعل نص التأذين وكلماته كأنها هي محل النزاع وأن هذه الألفاظ ثابتة!
  وهي محاولة فاشلة؛ لأن التأذين أيام رسول الله لا نزاع فيه، وإنما النزاع في شرعيته وأصل ثبوته.
  ولو كانت الرؤيا لرسول الله ÷(١) كان حقاً وشرعاً؛ لأنها وحي إليه.
  أما رؤيا غيره فلا؛ لأنه يقول عنه الحق تبارك وتعالى: {إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ}[الأنعام: ٥٠] أي: لا ما يوحى إلى غيري، وهذا نص في محل النزاع، ويقول عنه: {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِين} على أن رؤيا(٢) غير الأنبياء إنما هي جزء من ستة وأربعين جزءاً من الوحي.
  فهل تكفي - لو سلمنا - لصحة الشرع وإثبات أهم قاعدة من أصول الدين؟!
  ولما أعياه السبيل رجع إلى القول بإمكان أنه ثابت بتأذين الملك وتعليمه لرسول الله ÷، وبرؤيا عبد الله بن زيد فيكون للأذان سببان «فيمكن أن يجتمع سببان لمسبب واحد» اهـ.
  وهو اعتراف بإفلاسه من الحجة.
(١) النبيُّ ليس متعبَّداً بما رآه غيرُه بل هو متعبَّد بما رآه {إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ}.
(٢) أما رؤيا الأنبياء فهي وحي بذاتها. تمت شيخنا.