(وجوب النية)
  هكذا قال: «في مثل الصلاة»! شرط من شروطها.
  ثم يقول: «وإن كان المقدر الكمال أو ما يلاقيه في المعنى الذي تكون الصلاة شرعية، بدونه فليست النية بواجبة فضلاً عن أن تكون شرطاً» اهـ.
  وبهذا هدم الشوكاني أحد الأركان الأربعة التي اعتمدها علماء الإسلام، ولا شك أن بعض العلم جهل.
  وما هذا إلا فلسفة يريد أن يريك أنه قدوة في كل فن!
  ولم يدر أنه يفضح نفسه بنفسه ويتناقض ويخالف إجماع الأمة.
  ثم يقول: «لكن قد عرفت رجحان التقدير المشعر بالمعنى الأول بما قدمنا تحقيقه في معنى النفي؛ لكون الحصر بإنما في معنى (ما الأعمال إلا بالنية) ...» اهـ.
  نعم: لم يتقدم منك شيء في معنى النفي.
  وأما قولك: «إن الحصر يأتي في معنى ما وإلا وإن اختلفا في أمور خارجة عن هذا كما تقرر في علمي المعاني والأصول» اهـ.
  فأقول: ليس بينهما فرق في اللغة ولا في المعاني ولا في الأصول فالنفي بإنما في معنى النفي بما وإلا.
  ومعنى «ما زيد إلا قائم»: «إنما زيد قائم» ومعنى «ما أنت إلا نذير»: «إنما أنت نذير».
  ومن شواهد «المعاني» في اتحادهما:
  قد علمت سلمى وجاراتها ... ما قَطَّرَ الفارس إلَّا أنا
  إنما الفرق في القصر: هل قصر حقيقي نحو: {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ}[النساء: ١٧١] أو إضافي(١) نحو: {إِنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ}[هود: ١٢].
(١) الإضافي: (بالنسبة إلى مقصود المخاطب) مثل (ما أنت إلا نذير) لأنهم كانوا يريدون منه آية فقال لهم ذلك وإلا فهو بشير ونذير ومبلّغ.