الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

(وجوب النية)

صفحة 258 - الجزء 1

  وما ادّعاه الشوكاني غير مسلَّم؛ لأنه غير موجود.

  ثم يقول: «والنفي يتوجه إلى المعنى الحقيقي وهو الذات الشرعية وانتفاؤها ممكن؛ لأن الموجود في الخارج ذات غير شرعية» اهـ.

  أقول: هاهنا في حديث «إنما الأعمال بالنيات» المنفي الصفة التي لم توجد، والذات لا يصح نفيها؛ لأنها قد وجدت، كما قالوا في «النسخ»: إنه نفي للحكم في المستقبل لا الذات؛ لأنها قد وجدت، وهذا هو تقرير علماء المعاني والأصول واللغة: أن النفي أو النهي أو الاستفهام ينصب في المقيَّد إلى القيد وهو الصفة.

  فإذا قلت: (ما رأيت لك عملًا صالحاً) فهو⁣(⁣١) نفي للصلاح، و (لا أقبل لك عذراً كاذباً) انصب النفي على الكذب.

  ومنه قوله ÷: «البُرُّ بالبُرِّ مثلاً بمثل» فهم كانوا يبيعون من قبل لكن الفائدة في قوله: «مثلاً بمثل» إيجاباً للتساوي، ونحو «الدرهم بالدرهم مثلاً بمثل»، وإجماعهم على هذا، فقوله ÷: «لا عمل إلا بنية» نفي للصحة.

  ولمّا بالغ في عدم اعتداد الشرع بعمل لا نية فيه نفى الذات، كما يقول الأب: «ما زيدٌ ولدي» إنما يريد: نَفْيَ طاعته، أما هو فهو ولده، وإليك بعض أقوال العلماء:

  ففي «بداية المجتهد» لابن رشد ج ١ ص ٦٨: أما المسألة الأولى فالجمهور على أن النية فيها شرط؛ لكونها عبادة غير معقولة المعنى.

  وشذ زفر وقال: «إن النية ليست بشرط فيها وأنها لا تحتاج إلى نية» وقد روي ذلك عن الأوزاعي والحسن بن حي وهو⁣(⁣٢) ضعيف. اهـ المراد.


(١) أما العمل فهو موجود وهو العمل السيء.

(٢) أي هذا القول.