(وجوب النية)
  وما ادّعاه الشوكاني غير مسلَّم؛ لأنه غير موجود.
  ثم يقول: «والنفي يتوجه إلى المعنى الحقيقي وهو الذات الشرعية وانتفاؤها ممكن؛ لأن الموجود في الخارج ذات غير شرعية» اهـ.
  أقول: هاهنا في حديث «إنما الأعمال بالنيات» المنفي الصفة التي لم توجد، والذات لا يصح نفيها؛ لأنها قد وجدت، كما قالوا في «النسخ»: إنه نفي للحكم في المستقبل لا الذات؛ لأنها قد وجدت، وهذا هو تقرير علماء المعاني والأصول واللغة: أن النفي أو النهي أو الاستفهام ينصب في المقيَّد إلى القيد وهو الصفة.
  فإذا قلت: (ما رأيت لك عملًا صالحاً) فهو(١) نفي للصلاح، و (لا أقبل لك عذراً كاذباً) انصب النفي على الكذب.
  ومنه قوله ÷: «البُرُّ بالبُرِّ مثلاً بمثل» فهم كانوا يبيعون من قبل لكن الفائدة في قوله: «مثلاً بمثل» إيجاباً للتساوي، ونحو «الدرهم بالدرهم مثلاً بمثل»، وإجماعهم على هذا، فقوله ÷: «لا عمل إلا بنية» نفي للصحة.
  ولمّا بالغ في عدم اعتداد الشرع بعمل لا نية فيه نفى الذات، كما يقول الأب: «ما زيدٌ ولدي» إنما يريد: نَفْيَ طاعته، أما هو فهو ولده، وإليك بعض أقوال العلماء:
  ففي «بداية المجتهد» لابن رشد ج ١ ص ٦٨: أما المسألة الأولى فالجمهور على أن النية فيها شرط؛ لكونها عبادة غير معقولة المعنى.
  وشذ زفر وقال: «إن النية ليست بشرط فيها وأنها لا تحتاج إلى نية» وقد روي ذلك عن الأوزاعي والحسن بن حي وهو(٢) ضعيف. اهـ المراد.
(١) أما العمل فهو موجود وهو العمل السيء.
(٢) أي هذا القول.