الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

أفضلية التسبيح في الركعتين الأخيرتين من الرباعية والثالثة من المغرب

صفحة 285 - الجزء 1

  حبر الأمة، ودعا له رسول الله ÷ بأن يفقهه في الدين ويعلمه التأويل، والشوكاني إنما دعا عليه ابن حريوة السماوي، ودعاه ابن تيمية إلى النصب للآل الكرام فأجاب.

  كلتا الدعوتين آتت أكلها، والدليل على آثار أكلها أن كتبه⁣(⁣١) تدرّس في المعاهد الوهابية في اليمن وغير اليمن لمحو مذهب الفرقة الناجية الزيدية عن طريق مشائخ ومعلمين ظاهرهم الزيدية.

  ولهذا يجري قلمه وكأنه أحاط بكل قول علماً، وقَتَل كل رأي يقيناً، وفي «بداية المجتهد ونهاية المقتصد» ج ١ ص ١٣٠ ما لفظه:

  وروي عن ابن عباس أنه لا يقرأ في صلاة السر وأنه قال: «قرأ رسول الله ÷ في صلوات وسكت في أخرى»⁣(⁣٢) فنقرأ فيما قرأ ونسكت فيما سكت، وسئل: هل في الظهر والعصر قراءة؟ فقال: لا»⁣(⁣٣). اهـ المراد.

  ثم قال ابن رشد: «وتعلق الكوفيون بحديث ابن عباس في ترك وجوب القراءة في الركعتين الأخيرتين في الصلاة» اهـ.

  إلى أن قال: «وأما في الأخيرتين فيستحب عنده - أي عند أبي حنيفة - التسبيح فيهما دون القراءة وبه قال الكوفيون». اهـ المراد.

  وفي «الموطأ» للإمام مالك: أن عمر صلى بالناس صلاة جهرية ولم يقرأ فيها بشيء، ولما سلم قيل له: لَمْ تقرأ القرآن يا أمير المؤمنين؟ قال: كيف كان الركوع والسجود؟ قالوا: حسن فقال: لا بأس إذاً اهـ.

  وسبق إيراد حديث المسيء الذي ادعى الشوكاني أن لفظه: «ثم كذلك في كل ركعاتك فافعل»، وقدمته لك بنصه وهو: «ثم اجعل ذلك في صلاتك كلها» يؤيد عدم وجوب


(١) أي الشوكاني.

(٢) رواه البخاري.

(٣) رواه أبو داود والنسائي.